ترك برس

أشار تقرير لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية إلى أن ملف الدستور الجديد يتصدّر جدول الأعمال السياسي في تركيا، بعد انتهاء "ماراثون انتخابي" طويل استمر قرابة العام، منذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) 2023، وحتى انتهاء الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن حزب العدالة والتنمية الحاكم وشريكه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، بدأ قبل أشهر العمل على مشروع الدستور الجديد، الذي تحدث عنه الرئيس رجب طيب إردوغان للمرة الأولى في فبراير (شباط) عام 2021، ثم أثاره في مناسبات عدة وآخرها عقب فوزه بولاية رئاسية جديدة في 28 مايو 2023. ويقول إردوغان إن الدستور الجديد سيكون دستوراً مدنياً ديمقراطياً ليبرالياً حديثاً، يزيل «حقبة الوصاية ودساتير الانقلابات».

وبحسب التقرير، تبدأ الخطوات العملية للعمل على الدستور الجديد بجولة يبدأها رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، الثلاثاء، حيث يزور رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب التي وضعت تغيير الدستور على أجندتها، لإجراء مفاوضات حول المشروع الذي يعمل عليه تحالف الشعب.

وسيبدأ كورتولموش جولة المفاوضات حول مشروع الدستور الجديد بلقاء مع زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل يوم الثلاثاء، ثم تتوالى اللقاءات مع رؤساء الأحزاب الأخرى التي لها مجموعات برلمانية، وهي «الجيد»، و«الديمقراطية والتقدم»، والمجموعة المشتركة لحزبي «المستقبل» و«السعادة». وليس من المعروف بعد ما إذا كان كورتولموش سيلتقي الرئيسان المشاركان لحزب «المساواة وديمقراطية الشعوب»، المؤيد للأكراد، الذي يعد ثالث أكبر أحزاب البرلمان، بعد «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري».

من المتوقع أن يعقد هذا الأسبوع أيضاً أول لقاء رسمي بين الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل، الذي طلب لقاء الرئيس للحديث حول مشاكل البلاد، بعد أن تصدر حزبه نتائج الانتخابات الأخيرة، متفوقاً على حزب العدالة والتنمية.

والتقى أوزيل وإردوغان بشكل غير رسمي، خلال لقاء الرئيس مع قادة الأحزاب على هامش احتفال البرلمان بيوم الطفولة والسيادة الوطنية في 23 أبريل، وذلك بعد أن هنأه إردوغان هاتفياً بعيد الفطر. وبينما ذكرت مصادر «الشعب الجمهوري» أن اللقاء لم يتحدد موعده رسمياً بعد، قالت مصادر أخرى إنه من المتوقع عقده أحد يومي الخميس أو الجمعة.

وقالت نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ليلى شاهين أسطى، إن الاجتماع سيُعقد في القصر الرئاسي في بيشتبه بأنقرة، مشيرة إلى أن هناك مشكلة ظهرت في حزب الشعب الجمهوري بسبب تصريح رئيسه السابق كمال كليتشدار أوغلو برفض عقد لقاء مع إردوغان، قائلاً: «القصر لا يتم التفاوض معه، وإنما يجب النضال ضده».

وردّ أوزيل على كليتشدار أوغلو بقوله: «إننا نتفاوض مع الجميع في الموضوعات التي يجب التفاوض بشأنها، وهذا لا يعني أننا نتخلى عن نضالنا»، ومن المتوقع أن يلتقي أوزيل كليتشدار أوغلو قبل لقاء إردوغان. وكان أوزيل أكّد أن الموضوع الأول على أجندة اللقاء مع إردوغان سيكون الاقتصاد والأزمة الخانقة التي يعانيها الشعب التركي. وقالت شاهين أسطى إن هذه الأولويات «تناسبنا أيضاً. فالاقتصاد هو الموضوع الأساسي على أجندة تركيا».

من جانبه، عبّر إردوغان، خلال تصريحات لدى عودته من زيارته للعراق الأسبوع الماضي، عن ثقته بأن حزب الشعب الجمهوري سيدعم وضع دستور جديد للبلاد. ويؤيد حزب الشعب الجمهوري وضع دستور مدني ليبرالي ديمقراطي جديد إلا أنه يشترط إلغاء النظام الرئاسي، المطبق منذ عام 2018، الذي يعدّه سبباً لمشاكل تركيا الراهنة. وتؤيد باقي الأحزاب أيضاً إلغاء النظام الرئاسي، باستثناء «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية».

ووسط تكهنات حول توتر بين إردوغان ورئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، بسبب نتائج الانتخابات المحلية، يتوقع عقد لقاء بينهما هذا الأسبوع أيضاً، سيكون الأول بعد الانتخابات.

ومع بدء التحرك الفعلي بشأن الدستور الجديد، أعلنت الرئيسة المشاركة لحزب «الديمقراطية ومساواة الشعب»، المؤيد للأكراد، تولاي حاتم أوغوللاري، أن حزبها بدأ استعدادات لمناقشة الدستور مع المجتمع، وأنه لن يسمح أبداً للمناقشات الدستورية بأن تكون شريان حياة للحكومة.

وأضافت، خلال اجتماع لفروع الحزب بالولايات التركية عقد بالمركز الرئيس للحزب في أنقرة الأحد، أن المجتمع قال لإردوغان وحكومته في الانتخابات المحلية: «لقد طفح الكيل»، ولن نتحمل الاستبداد والفقر والجوع والبطالة أكثر من ذلك.

وتابعت حاتم أوغوللاري أنه «يجب أن يكون هناك نقاش دستوري يتجاوز الأحزاب السياسية ويستهدف التوافق الاجتماعي على أوسع نطاق... نحن بحاجة إلى وضع دستور ديمقراطي من أجل حل المشكلة الكردية على أساس ديمقراطي، لضمان أن جميع مواطنينا، وخصوصاً العلويين وجميع الشعوب والمعتقدات المختلفة التي تعيش في هذه الأراضي، يمكن أن تستفيد من حقوق المواطنة المتساوية في هذا البلد، ولتمكينهم من العيش في هذا البلد بلونهم الخاص».

اختار حزب «الجيد» القومي المعارض رئيسه الجديد، خلفاً لرئيسته السابقة ميرال أكشنار، في المؤتمر العام الاستثنائي الذي عقد في أنقرة، واستمر حتى ساعة متأخرة من ليل السبت إلى الأحد.

وأصبح نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، موساوات درويش أوغلو، الذي تردّد أنه حظي بدعم أكشنار، رئيساً للحزب بعدما حصل على 611 صوتاً، في الجولة الثالثة من التصويت، متقدماً على منافسه كوراي أيدين، الذي حصل على 548 صوتاً.

وبدأ درويش أوغلو، المولود عام 1960، مسيرته السياسية عام 1978 أثناء دراسته الجامعية. وكان رئيساً لجماعة «الذئاب الرمادية» (أولكو أوجاكلاري) القومية، وتنافس على رئاسة حزب الحركة القومية مع دولت بهشلي وكوراي أيدين عام 2012.

واستقال درويش أوغلو من حزب الحركة القومية عام 2017، ردّاً على دعم حزب الحركة القومية لحزب العدالة والتنمية في الاستفتاء الدستوري الذي أجري في عام 2017، للتحول إلى النظام الرئاسي، وشارك مع أكشنار وآخرين في تأسيس حزب «الجيد».

وفي أول كلمة بعد فوزه برئاسة الحزب، قال موساوات درويش أوغلو إن «كل شيء سيتغير، ولن يكون الحزب هو نفسه الذي حصل على أقل من 4 في المائة في الانتخابات المحلية الأخيرة، بل سيكون هو الحزب الذي سيتولى السلطة في البلاد، ويغير النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني المعزز».

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!