ترك برس

تباينت آراء المراقبين حيال الرسائل التي أراد الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، أن يعطيها للرأي العام التركي عبر إحضار سيخ من الشاورما إلى تركيا في إطار زيارة استمرت 3 أيام. 

الكاتب المصري المقيم في ألمانيا صلاح سليمان، رأى أن سيخ الشاورما الذي جلبه شتاينماير، والذي يبلغ وزنه 60 كيلوغراما من اللحم، سرق الأضواء من أي ملفات أخرى طُرحت في هذه الزيارة.

وقال سليمان إن الرئيس الألماني حرص في زيارته لتركيا يوم 22 إبريل/نيسان التي استمرت 3 أيام على اصطحاب هذا السيخ وأحد عمال الشاورما المهرة في ألمانيا وهو عارف كليش الذي يمثل الجيل الثالث من أسرة تخصصت في صناعة الشاورما.

وأضاف في مقال بموقع الجزيرة مباشر: ثار جدل كبير حول رمزية هذا السيخ فوصفه البعض بأنه يرمز إلى عدم جدية المباحثات، وأنه يرسل رسالة تعبر عن هزلية الزيارة وأنها غير جادة، في حين رأى آخرون أنه يرمز إلى الاعتراف بجميل الأتراك الذين ساهموا في بناء ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأنه اعتراف بأن الثقافة التركية أثرت بالفعل في حياة الألمان.

وقال: أنا أميل إلى الرأي الثاني، فإن من أهداف هذه الزيارة الاحتفال بمرور 100 عام على إقامة علاقات دبلوماسية بين تركيا وألمانيا، وهنا أراد الرئيس الألماني أن يؤكد أن ثمة انفتاحًا كبيرًا بين الثقافتين على عكس الخلافات السياسية الكبيرة بينهما.

بغض النظر عن اختلاف الآراء، فإن تركيا بالفعل قد غزت ألمانيا بل وباقي الأقطار الأوروبية بـ”سندويتشات” الشاورما الحلال السريعة الإعداد، وتشير التقارير إلى أن حجم المبيعات في هذه الصناعة يصل الآن إلى حوالي 7 مليارات يورو.

ويرى الكاتب المصري أن ألمانيا المعتزة بثقافتها ليس من السهل أن تتأثر بثقافات الآخرين، لكن تركيا عن طريق هذا “الساندويتش” السحري استطاعت أن تغزو كل بيوت الألمان، إذ أصبحت الشاورما هي الوجبة الشعبية رقم واحد في ألمانيا.

أوضح أنه لم يكن الأمر بالسهل، لكن لطعمه اللذيذ وسعره الرخيص الذي كان يصل إلى 3 يوروهات قبل أن يرتفع إلى 7 بعد أزمة الكورونا والتضخم الحالي، لم يجد هذا “الساندويتش” على الإطلاق ما ينافسه؛ فعربات الشاورما لا توجد في شوارع الأتراك فقط بل هي موجودة تقريبا في كل شارع ألماني.

وذكر أن خمسة ملايين تركي يعيشون ويعملون في ألمانيا، جزء كبير منهم يعمل في تجارة الغذاء، وتجارة الشاورما جزء منها وهي لا تحتاج إلى أي إمكانيات خاصة، فيكفي لعامل الشاورما أي مساحة، أو أي ركن لممارسة عمله، ووفقًا لأحد عمال الشاورما، فإنه يمكن لمحل متوسط الحال أن يبيع حوالي 100 كيلوغرام في اليوم الواحد، ويحتوي الساندويتش تقريبا على حوالي 150 غراما من لحم الدواجن أو الضأن، والشاورما الجيدة هي التي تقل نسبة الدهون فيها عن 25%.

وأردف: لا أحد يستطيع منافسة الأتراك في هذه الصناعة وفي ألمانيا يصفونها بأنها معجزة اقتصادية، فليس هناك سلعة تباع مثل الشاورما، ويصل عدد مصانع إنتاج الشاورما في ألمانيا كلها إلى أكثر من 800 مصنع، كما أن عدد مراكز البيع المسجلة فيها وصل إلى 24 ألف، أما عدد العاملين في هذه الصناعة بألمانيا فقد وصل إلى أكثر من 100 ألف شخص، وعامًا بعد عام يرتفع الطلب على الشاورما وتزدهر صناعتها.

وتابع المقال:

تأسس أول مصنع للشاورما في ألمانيا عام 1983 على يد أسرة توتوجونباشي التركية التي هاجرت إلى ألمانيا في سبعينيات القرن الماضي وبعد عدة إخفاقات ومحاولات استطاعت هذه الأسرة التوسع في تجارة أسياخ الشاورما حتى وصل الواحد منها إلى 150 كيلوغراما، وأصبحت تغطي كل ألمانيا والإنتاج اليومي منها يصل إلى 50 طنا يوميا، وتم تقدير هذا النجاح من قبل هيئات ألمانية مثل هيئة الاقتصاد الزراعي وجمعية التسوق الألمانية وتم منحها عدة جوائز.

واصلت الشركة التطور وهي تقوم الآن بإمداد المحلات والمطاعم المحلية بالكباب الجاهز الذي لا يحتاج إلى أي عمل سوى تسخينه قبل تناوله.

خطط الشركة المستقبلية هي سعيها الآن  إلى اكتساب المزيد من العملاء وأن لا يصبح الأمر مقتصرا على الشباب فقط بل يجب أن يصل أيضا إلى المسنّين، ويعتزم مؤسسو هذه الصناعة إقامة سلسلة من المطاعم على مستوى أوروبا، وبذلك ستصبح منافسا قويا لمحلات ماكدونالدز وبرجر كينج وبيتزا هت.

رغم هذا النجاح الباهر لصناعة الشاورما فإنه تجب الإشارة إلى أنها تعرضت لحروب سياسية للقضاء عليها لكنها لم تفلح، لقد عقد البرلمان الأوروبي قبل عدة سنوات جلسة للبت في قرار يحظر بيع الشاورما في ألمانيا وباقي الأقطار الأوروبية وفقًا لتوصية حزب الخضر والحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، بسبب استخدام مادة الفوسفات التي تضاف إلى لحم الشاورما لجعلها لينة ومنعها من الجفاف والمحافظة على مذاقها مدة طويلة.

ووفقًا للجنة الصحة في المفوضية الأوروبية فإن استخدام هذه المادة يشكل خطرا على صحة الإنسان، إضافة إلى الأضرار الأخرى المعروفة التي قد تسببها هذه الوجبات السريعة كأمراض الدم وتصلب الشرايين.

لكن الجلسة لم تسفر عن شيء، وقد اعتبر ممثلو رابطة الشاورما في ألمانيا أن المفوضية الأوروبية ترمي إلى الحكم بإعدام هذه الصناعة في أوروبا بسبب خلفيتها التركية واسمها التركي، وأنه إذا اتُّخذ قرار مثل هذا مستقبلا فسيكون بلا شك قرارًا عنصريًّا أحمق.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!