ترك برس

أشار مقال تحليلي للكاتب والإعلامي التركي إحسان أكتاش، إلى وجود ثلاثة احتمالات ممكنة لحادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وقال أكتاش في مقاله بصحيفة يني شفق إن استمرار إيران وتركيا كدولتين كبيرتين، في دعم بعضهما البعض واتباع سياسة التعاون المتبادل، هو حقيقة يدركها كلا البلدين من الناحية الجيوسياسية. كما لا يمكن أبدا تجاهل عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع شعبي البلدين.

وأوضح أنه في ليلة وقوع حادثة تحطم طائرة هليكوبتر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كانت تركيا من أكثر الدول متابعة لهذا الحدث بعد إيران نفسها. ولم تظهر أي دولة أخرى في العالم هذا القدر من الاهتمام. ويعود ذلك إلى التقارب بين الشعبين، وتشابه الرموز الثقافية التي تشكلت عبر قرون من التعايش.

وذكر أن هناك ثلاثة احتمالات ممكنة لحادث الطائرة المروحية، وهي؛

1. حادث عرضي بحت. ولا داعي للتعمق والتفكير فيه كثيرا.

2. قد يكون الأمر مرتبطا بالإدارة الداخلية والقيادة الدينية في إيران.

3. احتمال وجود تدخل خارجي، وخاصة من قِبل إسرائيل.

وأوضح أكتاش أنه بغض النظر عن أي من الاحتمالات الثلاثة، فإن حكومة إيران ستتأثر بهذه الأحداث. فكما هو معروف تعتمد إدارة الدولة الإيرانية على توازن قوتين رئيسيتين: ففي المقام الأول، يعد آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى للبلاد، ولديه الكلمة الأخيرة في شؤون الدولة من خلال كبار رجال الدين (الملا).

وفي نظرية الدولة الشيعية، يعتبر علي خامنئي، بصفته مرجعا للتقليد، أعلى سلطة دينية. وكان من المتوقع أن يخلفه الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني في حال وفاته، حيث كان رفسنجاني أقوى مرشح لهذا المنصب. ولكن بوفاة رفسنجاني، انتهى هذا النقاش قبل أن يبدأ. كان رفسنجاني رجل دولة على غرار أوزال، وكان أقرب إلى الإصلاحيين. يقول الكاتب التركي.

وتابع المقال:

كانت فرصة رئيسي ليكون المرشد الأعلى عالية جدا. ويتردد أيضا أن ابن علي خامنئي هو أحد المرشحين لمنصب لهذا المنصب.

وهناك من يبدي آراء إيجابية تجاه سياسة مجتبى خامنئي، ممثل الجيل الثالث. ويرى البعض أن شخصا على دراية بظروف ما بعد الحرب الباردة ستكون له سياسة مختلفة عن سياسة والده. ولكي يصبح شخص ما "مرشدا"، يجب أن يحصل على موافقة 12 عالما دينا من مرتبة "آية الله".

تواجه إيران مشكلتين كبيرتين. الأولى: العقوبات المفروضة عليها بسبب التوتر المستمر بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تركز على البرنامج النووي. وتخضع العديد من الشركات الحكومية الإيرانية للعقوبات. لذلك تضطر إيران إلى استخدام طرق ملتوية كثيرة لتصدير نفطها وتسهيل التجارة. وعلى الرغم من اقتصادها القائم على النفط، إلا أن توزيع الثروة في إيران سيء للغاية. وينعكس هذا الظلم في توزيع الثروة بشكل سلبي على السياسة الإيرانية.

والمشكلة الثانية التي تواجهها الدولة الإيرانية هي مشكلة الشرعية. إذ تعتمد شرعية النظام الإيراني على مصدرين رئيسيين: 1ـ الإرشاد: وهو التمثيل الديني لعلي خامنئي. 2ـ الحكومات المنتخبة بدعم من الشعب.

ومنذ منع ترشح مير حسين موسوي لمنصب الرئاسة في إيران، أو بشكل أدق منذ تقييد تأثير الحركة اليسارية الإصلاحية في السياسة الإيرانية، أصبحت الانتخابات في إيران من وجهة نظر معينة، شكلا من أشكال الاحتجاج من قِبل جزء من الناخبين. ومن المعروف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة في إيران انخفضت إلى 40٪، وأن هذه النسبة أقل بكثير في طهران، قلب السياسة الإيرانية. من هذا المنظور تواجه إيران، التي تكافح للتعامل مع العديد من المشكلات في السياسة الخارجية، مشكلات عميقة في مجال الشرعية الاجتماعية.

إن الوضع الحالي للنظام الإيراني يشبه إلى حد ما، حقبة الحزب الواحد في تركيا. فأعضاء حزب الشعب الجمهوري التركي لا يعرفون إيران كثيرا. ولكن لو اجتمعوا مع ممثلي المحافظين في إيران، فسيصابون بالذهول من مدى شدة تشابه البنية الذهنية بينهم. فعندما تواجه الدول عملية ثورية، تصبح أنماط سلوك قادة الثورة متشابهة.

أولا وقبل كل شيء، نتقدم بأحر التعازي للشعب الإيراني. نسأل الله أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته. عندما يهتز حجر في إدارة الدولة، بكون لذلك عشرات التأثيرات على آلية الدولة والسياسة.

تعتمد الدولة الإيرانية على العديد من موازين القوى المختلفة داخليا. عادة ما يقال عن الدول الكبرى: "لا نواجه دولة واحدة". إن وفاة الرئيس الإيراني تثير العديد من التساؤلات في ذهني، بدءا من القيادة الدينية إلى السياسة والشرعية الديمقراطية التي تتمتع بها إيران. بدءا من الإرشاد الديني، إلى السياسة والشرعية الديمقراطية في إيران.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!