ترك برس

أكد النائب السابق في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم ياسين أقطاي، أنه لا فائدة من التباكي على حال العالم الإسلامي، بل يجب التركيز على توحيد المسلمين تحت راية سياسية واحدة، وتنظيم قوتهم البالغة مليارين نسمة لتصبح قوة حقيقية.

وقال أقطاي في مقال بصحيفة يني شفق إن الكيان الصهيوني المجرم يواصل بدعم أمريكي لا محدود، ارتكاب الإبادة الجماعية أمام مرأى ومسمع العالم، محطما كل يوم أرقاما قياسية جديدة في همجيته.

وأضاف: كنا نقول "أمام أعين العالم"، فينبغي أن نضيف: رغم الاحتجاجات والمظاهرات والتمرد من قبل شعوب العالم، حتى لا نغفل حق الإنسانية، ففي الواقع لم يعد بإمكان أحد أن يدعي صمت الإنسانية أمام هذه الوحشية، ففي كل أنحاء العالم؛ في الجامعات والشوارع والساحات وأماكن الحفلات الموسيقية، تقام احتجاجات غير مسبوقة تشهد على هذه الوحشية. ومن هذا المنطلق ليس هنالك ما يدعو للشكوى من فقدان الأمل في ضمير شعوب العالم. بل تشعل هذه المجازر، بكل فظاعتها ووحشيتها ودناءتها، جذوةَ الأمل في نفوس البشرية جمعاء، وتغذيها بقوة أكبر.

ولكن كل هذه الاحتجاجات والثورات والتمرد، لم تفلح في وقف هذه القوة المتوحشة. والآن بات الجميع يعلم ما الذي يمكن أن يوقفها. فهناك هوة سحيقة بين الشعوب التي تمثل الاحتجاجات وبين حكومات الدول. ويظهر هذا الوضع بوضوح كيف أن ما يسمى بالديمقراطية في العالم ليست سوى وهم. فالكثير من الحكومات التي انتخبها الشعب تقع في النهاية تحت رهن يضمن عدم إصدارها أي صوت ضد جرائم الحرب العديدة التي ترتكبها إسرائيل. يقول أقطاي.

وبحسب السياسي التركي، فإن الجميع يعلم أن القوة هي السبيل الوحيد لإيقاف إسرائيل. لكن يبدو أنه من غير الممكن أن تتخذ أي قوة فعالة خطوات في هذا الاتجاه، طالما أن الولايات المتحدة، القوة العظمى في العالم، تقدم دعما لا محدودا لإسرائيل. يبحث حلفاء غزة، الذين يتابعون ما يجري كل ساعة وكل يوم بذهول وغضب ويطلقون صرخات الاحتجاج والثورة، عن ملاذ آمن من هجمات إسرائيل الوحشية المستمرة ووقاحتها.

"كما امتدت وحشية إسرائيل لتطال مخيمات اللاجئين في رفح التي تشكلت بسبب عمليات التهجير المتعددة نتيجة العدوان الإسرائيلي. فقد شاهد العالم أجمع، على الهواء مباشرة، احتراق الناس والأطفال والنساء في تلك المخيمات. وبرزت مشاهد جديدة للوحشية تمثلت في أجساد الأطفال الممزقة المحترقة".

وتابع المقال:

لو ارتكبت أي دولة عادية جريمة كهذه، لاعتبرت جريمة ضد الإنسانية ببشاعتها وخستها، ولأثارت غضب العالم أجمع وتعرضت لشتى أنواع العقوبات. لكن إسرائيل لم تحاسب حتى الآن على هذه الجرائم، وعلى هذه الدناءة، وعلى هذا السلوك الإجرامي، بل لا تزال تمارسها باعتبارها حقا مشروعا لها. وذلك لأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لا ترى في هذه الجرائم البشعة ما يستدعي فرض أي عقوبات.

لا تقتصر ثورة حلفاء غزة منذ البداية ضد وحشية إسرائيل على رفض هذه الآلة اللاإنسانية للإبادة الجماعية، بل تتجه أيضا إلى الولايات المتحدة التي تقدم لها دعما لا محدود. فكما قلنا منذ البداية، إن دعم وحشية إسرائيل لا يأتي فقط من الولايات المتحدة، بل ينبع أيضا من صمت قادة العالم العربي والإسلامي اللامحدود. وكما يقولون: "السكوت علامة الرضا". وحتى الآن، لم يصدر أي صوت قوي ضد إسرائيل خاصة من السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن.

إن كل قنبلة تسقط على غزة تمثل هجوما على شرف وكرامة العالم العربي والإسلامي بأسره. صحيح أنهم لا يرفعون أصواتهم لأنهم يفتقرون إلى القوة. لكن لو رفعوا أصواتهم وأصدروا بعض الضجة لكان كل شيء مختلفا تماما. وخاصة لو اتحدوا معا، ووضعو أيديهم بأيدي تركيا ـ التي قد تكون البلد الوحيد الذي يصدر صوتا قويا ـ لما تجرأت الولايات المتحدة على تقديم هذا الدعم اللامحدود لإسرائيل، ولما تصرفت إسرائيل بهذه الوقاحة والغطرسة لو لم تكن تتمتع بدعم لا محدود من الولايات المتحدة.

إن غياب صوت قوي من العالم الإسلامي يدفع الجميع لا محالة إلى التساؤل: "هل هناك عالم إسلامي حقا؟". لا شك أن هناك عالما إسلاميا يمثله شعوبه، لكن هذا العالم يفتقر إلى القيادة. ويعبر صديقنا العزيز، وحيد الدين إنجة، عن غضبه من خلال طرح سؤال يعرف إجابته مسبقا: "ماذا حدث لحماس العرب، وعدالة المسلمين، وضمير الإنسانية؟"

ما فائدة أن يكون عدد المسلمين مليارين أو حتى 10 مليارات إذا لم يكن لهم لهم قائد يوحدهم؟ فبدلا من أن يمثل الحكام شعوبهم، تحولوا إلى حراس مهمتهم السيطرة على شعوبهم وحبسهم في سجن مفتوح. وبدلا من أن يهرعوا لمساعدة غزة، ينتظرون بفارغ الصبر أن تبيد دولة الإرهاب الإسرائيلية "حماس" ليصبحوا هم أيضا في مأمن من "حماس" ومن خطر الحركات الإسلامية.

إن غزة وحماس اليوم من يمثل حماسة العرب وعدالة المسلمين وضمير الإنسانية. فلا فائدة من التباكي على حال العالم الإسلامي، بل يجب التركيز على توحيد المسلمين تحت راية سياسية واحدة، وتنظيم قوتهم البالغة مليارين نسمة لتصبح قوة حقيقية.

إن من يثيرون مسألة عجز العالم الإسلامي يحاولون القضاء على الأمل في فكرة "العالم الإسلامي" بحد ذاتها، ويقومون بمحاولة إبادة أخرى. لكننا يجب أن نتحرك دون أن ننسى أن العمليات السياسية والمبادرات والتحالفات التي أبقت العالم الإسلامي بلا قائد هي نفسها التي أسست إسرائيل.

وإن هذا العالم الإسلامي، سينتفض عاجلا أم آجلا في وجه هذه الاعتداءات، وربما يصحو بسببها، ليحاسب أولئك الذين قتلوه ودفنوه حيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!