ترك برس

أكد الإعلامي التركي البارز إحسان أقطاش، أن المفاهيم مثل الفاشية والعنصرية واليمين المتطرف والتهميش وكراهية الأجانب ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا هي في الأصل مفاهيم غربية، وهناك أصول مهمة تغذي هذه المفاهيم.

وقال أقطاش في مقال بصحيفة يني شفق المحلية إنه يمكن تتبع جذور هذه الأفكار إلى اليونان القديمة، حيث كان لسكان المدن العديد من الحقوق، كالديمقراطية والفلسفة وممارسة الفنون والانتخاب والترشح. لكن كان هناك نظام قانوني يميز بين من يعيشون داخل المدينة وخارجها، حيث كان يُنظر إلى من يعيشون خارجها غالباً على أنهم نصف بشر ونصف حيوانات. وقد ترك هذا التأثير بصماته على الفكر الغربي في تاريخ العلم، ومفهوم الإنسانية والعدالة.

وأوضح أنه عند الانتقال من اليونان القديمة إلى الإمبراطورية الرومانية، تم تقسيم الناس إلى مجموعتين منفصلتين: من يعيش داخل روما، والبربر الذين يعيشون خارجها.

ثالثًا، أصبحت هذه المفاهيم أكثر تعقيدًا مع ظهور المسيحية. شكلت المسائل العقائدية أساس التوجهات السياسية والبابوية في العصور الوسطى. وفي تلك الفترة، كان يُنظر إلى اليهود على أنهم أعداء خارجيين، وتعرضوا لاضطهاد كبير لا سيما فيما يتعلق بالقضايا المشابهة لـ "فرية الدم". وفقا للكاتب.

ويرى أقطاش أن معاداة السامية في العصور الوسطى أدت إلى عزل العديد من اليهود في أحياء مغلقة "الغيتو"، ونفيهم، وذبحهم. كما تعرضوا لاضطهادات وحملات إبادة جماعية في جميع العواصم تقريبًا، من أثينا إلى روما، ومن لندن إلى باريس.

وأضاف: "في عصرنا الحديث تغذت نازية هتلر، التي ظهرت في ألمانيا، على هذه الجذور التاريخية إلى حد ما. لكن العالم الغربي ابتكر أسلوبًا غريبًا، حيث قام بتقديم اضطهاد اليهود وقمعهم وتهميشهم على مدار آلاف السنين على أنه "ظاهرة هتلر" وكأن هتلر هو الوحيد الذي ارتكب هذه الجرائم. لقد استخدم الغرب هتلر كستار لإخفاء عيوبه وأخطائه".

وتابع المقال:

عندما ننظر إلى الوضع اليوم نجد أن صعود اليمين المتطرف أو اكتسابه للقوة في السياسة في أوروبا يثير قلق الغربيين بالنظر إلى تقاليدهم ونفسياتهم. برأيي ينبغي أن يكون لليهود النصيب الأكبر من هذا القلق. لكن اليهود قاموا بعملية حصار كبيرة، وحبسوا جميع المسيحيين تقريبًا في قلعة وأغلقوها عليهم. ولذلك لا يخاف اليهود من وضعهم الحالي، لكن هذا التطرف العنصري وكراهية الأجانب المتأصلة في الجذور قد يستهدفان اليهود بشكل مباشر يوما ما.

إن الأشخاص الذين لا يمتلكون القدرة على التفكير بغير الدوافع الغربية، يعتمدون على المفاهيم الغربية كمرجعية في تقييماتهم، ومن ثم يقومون بتعريف اليمين واليمين المتطرف، وبعد ذلك يتحدثون عن وجود مخاطر مماثلة في دول مثل تركيا.

في أحد البرامج التلفزيونية التي شاركنا فيها مؤخراً، رأينا أن كلًا من المحافظين وأصحاب الآراء المختلفة غير قادرين على الخروج من النموذج الغربي. بمعنى آخر لديهم افتراض مسبق بأن أي حدث يقع في الغرب سيستمر في إحداث تداعيات في تركيا، وأن ما يحدث في الغرب سيحدث عندنا أيضاً. هذا النهج له جوانب إشكالية للغاية.

أولاً: يتم تقييم تركيا والمجتمع التركي والمسلمين من خلال النموذج الغربي وليس من خلال واقعهم الحقيقي.

ثانياً: يتهمون المحافظين في تركيا بجهلهم بالغرب، لكنهم يتجاهلون حقيقة أنهم يتفاعلون فقط مع النصوص الغربية التي نشأت بعد الثورة الفرنسية، بسبب افتقارهم للمعرفة الأساسية بجذور الغرب.

ثالثاً، شهدنا أن الذين لا يدركون تاريخ وثقافة وسوسيولوجيا وهوية هذه الأمة يفكرون مثل المثقفين المستعمرين المتأثرين بالغرب.

عند النظر بعمق إلى تاريخ وثقافة وسوسيولوجيا هذه الأمة، يمكننا بالتأكيد أن نرى ظهور أحزاب سياسية صغيرة وكبيرة و ومجموعات فاشية صغيرة عبر ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن في تقاليد هذا البلد ليست هناك إمكانية لظهور الفاشية على مستوى يهدد المجتمع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!