ترك برس

تناول تقرير للكاتب والإعلامي التركي إحسان أقطاش، التحولات السياسية الهامة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ودور تركيا كقوة إقليمية مؤثرة في هذا السياق، مع التركيز على التحديات والفرص التي تواجهها في المنطقة.

وقال أقطاش إنه عند النظر إلى عملية الحوار المتطورة بين تركيا وسوريا هذا الأسبوع، لا يسع المرء إلا أن ينظر إلى الوراء 15 عاما. فقد اجتاحت رياح "الربيع العربي" الدول الواحدة تلو الأخرى مدمرة كل شيء أمامها، فاتجهت تونس نحو الديمقراطية، ودخلت مصر مرحلة التعددية الحزبية، بينما اهتزت ليبيا بالإطاحة بالقذافي.

وأوضح في تقريره بصحيفة يني شفق أن مساعي مصر وتونس نحو الديمقراطية حظيت بتغطية إعلامية عالمية ملحمية، بينما أثار مقتل القذافي رميا بالرصاص مشاعر الأسى والمحزن لدى الناس. فقد عامل القذافي شعبه معاملة حسنة وقاد ليبيا بحزم لتكون دولة قوية. لم تكن ليبيا مجرد مصدر للنفط في إفريقيا، بل كانت دولة غنية وقوية.

ولفت إلى أن رياح "الربيع العربي" اجتاحت الجميع، ولكن ظل هناك سؤال يثير الفضول: متى ستكشف الدول الغربية، التي استمرت هيمنتها على هذه المناطق قرنين من الزمان، عن نواياها وتعكر صفو المياه؟ لا يزال هؤلاء الناس يتعرضون للاستغلال منذ سنوات طويلة؛ فمن يعتقد أن الغرب سيتخلى عن مصالحه ومنافعه باسم الديمقراطية؟

وأضاف: بدأ المستعمرون تدريجيا باتخاذ خطوات تذكر بماضيهم وبتاريخهم الاستعماري والاستغلالي. لكن كانت هناك مشكلة تثير قلقهم أثناء وضع خططهم، إنها تركيا. فقد أكملت تركيا، بقيادة أردوغان، بنيتها التحتية كدولة غنية وقوية بعد كفاح ناجح ضد الوصاية. وبدأت تركيا من خلال سياساتها الوطنية، باتخاذ موقف يتحدى مصالح الغرب

وتابع التقرير:

اتضح خلال الحرب الأهلية السورية أن أحد أهداف "الربيع العربي" كان تدمير تركيا. وتظهر رؤية تركيا العالمية وكفاءتها في السياسة الخارجية اليوم أن النتائج ستكون مختلفة إذا واجهت تركيا المشكلات التي واجهتها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

لقد حققت تركيا تراكما استثنائيا خلال العقد الماضي. وإذا كنا نتحدث عن القائد الأكثر فهما للقضايا العالمية، فهو بلا شك أردوغان. وقد أدركت الدول العالمية هذه الحقيقة أيضا؛ فموقف تركيا من الحرب الروسية الأوكرانية وحدها يظهر بوضوح مكانة تركيا في القضايا العالمية.

لماذا أصبحت تركيا قوة لتحقيق الاستقرار؟ تتمتع بريطانيا بثقافة تتمثل في إرساء النظام أينما حلت. بينما لا تظهر الولايات المتحدة مهارة بارزة سوى في خلق الفوضى والدمار. ويتضح ذلك جليا عند النظر إلى الآثار المدمرة للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق واليمن.

وبينما كانت ليبيا منقسمة إلى قسمين وتشهد حربا أهلية، كان من اللافت للنظر أن دولا مثل مصر والإمارات العربية المتحدة واليونان وروسيا والولايات المتحدة وإسرائيل هي التي تحدد التوازنات رغم وجود حكومة شرعية معترف بها من قبل الأمم المتحدة. وبرزت تركيا كدولة وحيدة تقف إلى جانب الحكومة الشرعية. ورغم عدم تحقق الاستقرار بنسبة مائة بالمائة في ليبيا اليوم، فقد تمكنت تركيا من تحقيق حالة من التوازن ومنع اندلاع حرب أهلية.

ومن الواضح أن تركيا قد تحولت إلى قوة تساهم في الاستقرار بفضل مهمتها التاريخية، وتاريخها الإمبراطوري، وتجربتها في الحكم، ومكانتها القيادية.

حرب قره باغ: خلال 30 عاما، تحولت أذربيجان إلى دولة قوية، ورجحت كفة الميزان لصالحها ضد أرمينيا. وأدى التضامن الأخوي بدعم تركيا إلى انسحاب أرمينيا من الأراضي التي كانت تحتلها. وفي هذه العملية أظهرت خطوات باشينيان الحكيمة مرة أخرى قوة تركيا في تحقيق الاستقرار.

في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق سعت إيران إلى تعميق نفوذها في العراق وجعله تابعا لها. وبقدر ما استفادت الولايات المتحدة من نظرية الفوضى استفادت إيران منها أيضا. وأثارت هذه العملية التي أُطلقُ عليها "طريق الاستقرار" آمالا كبيرة بتحقيق الاستقرار في العراق.

سوريا: تظهر الردود التي قدمها الرئيس أن الظروف التي نواجهها، مثل حرب أوكرانيا وروسيا والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قد أضعفت موقفه.

واليوم عندما تصبح دولة ما جزيرة استقرار، فإنها تتحول إلى قوة تساهم في تعزيز الاستقرار. إن رؤية أردوغان لتركيا القوية والتقدم الذي أحرزته في مجال الصناعات الدفاعية توفر الاستعدادات لإعادة تشكيل المنطقة. هذه الأرض أرضنا، وقد جاب فيها المستعمرون لمدة قرنين. يمكننا تحديد مصيرنا بأنفسنا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!