وداد بيلغين - صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس   

نعيش اليوم ازمة جديدة من أزمات الإمبريالية والرأسمالية العالمية، فبعد أزمات وانهيارات سابقة نرى اليوم ازمة اليونان الذي وكما قال المتخصصون في الاقتصاد ان السبب الرئيسي في نشوء مثل هذه الازمة هي مبادئ الإمبريالية والرأسمالية العالمية. أصبحنا في هذه الساعات نعد ازمة اليونان من الماضي وما نخشاه ونترقبه هي أزمات دول أخرى مهددة بالانهيار والسقوط، وان كانت هذه التهديدات لتدعونا الى شيء فان اهم ما يمكن ان تدعونا اليه هو إعادة النظر وإعادة البحث والتنقيب في مبادئ هذه الإمبريالية والرأسمالية العالمية في مركزها اليوم في الولايات المتحدة الامريكية ومحاولة اصلاح ما يمكن إصلاحه، او البحث عن بدائل أفضل وأنجح.

فكرة ونظرية الليبرالية لم تكن بحدث جديد وانما وجدت في بدايات القرن التاسع عشر، لكن صعودها ارتبط بتطور النظرية الديمقراطية، فالليبرالية تعتمد على الديمقراطية في صعودها وتضخمها، ثم كان الحدث الأكبر في تاريخ النظرية الليبرالية بتحول السياسية العالمية من سياسية القطبين الى سياسة القطب الواحد بعد هزيمة الاتحاد السوفييتي وتفرد أمريكا كقطب واحد، ومن ثم دعوتها لفتح الأسواق ولعولمة الليبرالية لنصل بهذا الى ذروة الليبرالية في ثمانينات القرن الماضي، واستمرت هذه السطوة الى عام 2008 عندما بدأنا نرى اول سقطاتها المرتبطة بسياسات إدارة الاقتصاد العالمي، ولان هذه السياسات ارتبطت بمحاولة الغرب والدول القوية للسيطرة والهيمنة على الدول الفقيرة والضعيفة، ولان هذه السياسيات جرّت مناطق واسعة من كل انحاء العالم وبالأخص الشرق الوسط الى حروب دامية، كان لابد من سقوط وانهيار هذه الرأسمالية الليبرالية.

لقد كانت هذه الانهيارات في الرأس مالية الليبرالية هي انعكاس طبيعي لصورة الفقر والجوع والمآسي العظام التي تخلفها سياسات هذه الأنظمة العالمية كل يوم، فتأثيرها أصاب كل ذو قيمة، فقد أصابت الافراد والجماعات والطبقات الاجتماعية بمختلف التصنيفات والترتيبات واصابت باطن وظاهر كل هذه المجتمعات.

بعد نكسة 2001 استطاع حزب العدالة والتنمية بسياسات جديدة وحكيمة ان ينفصل بشكل مدروس عن هذه المنظومة العالمية المعطوبة، واستطاع باتباع سياسات داخلية، أن يرفع هذه البلاد من وحل الانهيار الى ربيع الازدهار، وكان من اهم سياساته الداخلية هو تغيير استراتيجيات الإنتاج والدعم الاجتماعي، فقد استطاع بهذه السياسات زيادة الإنتاج المحلي ودفع عجلة الاقتصاد نحو القمة بشكل مستمر، وتظهر هذه الحقيقة جلية في الأرقام المتصاعدة لازدهار الاقتصاد التركي. في المقابل أسأل السؤال البديهي الذي يتبادر في اذهاننا الان: هل تستطيع الأحزاب المتواجدة اليوم ان تقوم بمثل هذا العمل او ما يقاربه في تحالفات وائتلافات بين بعضها البعض؟

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس