أحمد زكي غيبري – صحيفة ميلاد – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ أول يوم من تجاوز حزب الشعوب الديمقراطية للعتبة الانتخابية، ونحن نوجه لهم نداء من خلال صدر صحيفتنا هذه. فقد سنحت لهم الفرصة لأن يثبتوا أنّهم حزب تركي بامتياز، بعد أن حصلوا على نفس مقاعد حزب الحركة القومية في البرلمان التركي. وإننا نطالب هذا الحزب مِراراً وتكراراً بالعمل على تحقيق مطالب الناخب الذي صوّت له خلال الانتخابات، وأن يوجّه نداء لقيادات جبل قنديل بالتخلي عن السلاح بشكل نهائي. فكل هذا ليس مطلب صحيفتنا فحسب. ففي الحقيقة إنّ الشعب التركي يوجّه هذا النداء لأعضاء حزب الشعوب الديمقراطية أكثر منّا نحن. أو دعوني أقول ذلك بالعبارة التي يفضلونها "إنّ هذه المطالب هي مطالب كافة الشرائح داخل تركيا أو كافة الشعوب الموجودة داخل الدّولة التركية".

نعم إنّ هذه المطالب مشتركة لدى جميع شرائح المجتمع التركي، لأنّ جميع أبناء الطوائف التي تعيش في تركيا تؤدّي خدمة العلم الإلزامية وترسل أولادها للانضمام إلى الجيش واقوات المسلحة. فالكردي مثله مثل التركي يؤدّي الخدمة الإلزامية، كما أن هناك بعض الاكراد يذهبون إلى الجبل بعد إتمام خدمتهم الإلزامية. إنه نداء موجه من كافة الطوائف لأنّ أمهات الشهداء بتنا لا يستطعن تحمل خبر استشهاد أولادهم بين الفترة والأخرى.

وعلينا أن لا ننسى أنّ هذه المطالب يصرّ عليها شخص آخر، وهو زعيم تنظيم حزب العمال الكردستاني "عبد الله أوجلان" الذي أصبح دوره مهمشاً في الأونة الأخيرة. فلنتذكر الان كيف قرأ أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية عام 2013 رسالة عبد أوجلان في عيد النيروز في ولاية دياربكر وأمام الآلاف من الأكراد.

"لقد وصلنا إلى مرحلة يجب فيه أن يصمت السلاح وتتكلم لغة الفكر والسياسة. وأشهد الملايين الذين ينصتون لندائي هذه وأقول بأنّه حان الوقت لكي تصمت أصوات السلاح وتبدأ مرحلة جديدة تكون فيها الأولوية للصراع السياسي. على عناصرنا المسلحة الانسحاب إلى خارج الحدود التركية".

وخلال السنوات الأخيرة وفي كل عيد نيروز جديد، فإنّ أوجلان يبعث مثل هذه النداءات. لكن صحيح أنه يبعث بمثل هذه الرسائل، ولكنما الذي يتغير بعد ذلك، بالطبع لا شيئ. قيادات جبل قنديل وقيادات حزب الشعوب الديمقراطية تراهم لا يتوانون عن إطلاق تصريحات مناقضة لنداء أوجلان. فعلى الرغم من إصرار أوجلان بالتخلي عن السلاح وانسحاب العناصر المقاتلة إلى خارج تركيا، إلّا أنّنا لا نجد تنفيذاً عملياً لهذا النداء. فأعضاء حزب الشعوب الديمقراطيةن تارةً يتحججّون بأنّ الظروف المحيطة بزعيمهم أوجلان سيئة وتارةً يقولون بأنّ عملية ترك السلاح لا يمكن الان مع تطورات الاحداث المتسارعة في المناطق الكردية في سوريا والعراق، وأحيانا يزعمون بأن قرار التخلي عن السلاح عائد إلى قيادات جبل قنديل لوحدهم فقط.

فهم يصدقون وعود الامبريالية التي مزّقت الاكراد قبل مئة عام من الان، بإقامة كيان مستقل لهم في المناطق الشمالية لسوريا، ولذلك فإنهم يعملون على تجميد عملية المصالحة الوطنية الجارية في تركيا. ويعملون أيضا على شيطنة شركائهم في هذه المنطقة ويلوحون لأصدقائهم الجدد الذي يفصل بينهما مسافات شاسعة. لكن في الحقيقة لا يوجد هناك دواعي لبذل المزيد من الجهد العقلي كي يدركوا حقيقة الصداقة الامريكية. فيكفيهم أن ينظروا إلى الوعود الامريكية المقدمة لمسعود البرزاني أثناء احتلال القوات الامريكية للعراق، حينها سيدركون ماذا سيحدث لهم في المستقبل.

فلم يقف إلى جانب البرزاني الذي يطمح لإقامة الدّولة الكردية المستقلة، سوى تركيا. فعندما بدأت القوات الامريكية باحتلال العراق، كانت الإدارة الامريكية تتحدث عن ثلاثة كيانات مستقلة داخل العراق. أمّا الان فإننا نجدهم ينادون بوحدة الأراضي العراقية.

وفي هذه الآونة نجد أن الولايات المتحدة الامريكية تلعب نفس اللعبة التي لعبتها في العراق. فمن جهة نجد أن الولايات المتحدة تقدم الوعود لتنظيم (PYD) بمنحه منطقة استقلال ذاتي، ومن جهة أخرى نجد أنّ نفس الإدارة تنادي بوحدة الأراضي السورية.

فهل تعتقدون أن الولايات المتحدة الامريكية تهمها مقتل 300 ألف شخص في سوريا؟. فالامريكان لا يهمهم من قُتل في سوريا سواء كان كردي أم تركماني أم عربي أو سني أو شيعي.

إنّ هذه البقعة الجغرافيا قدرنا المشترك. فلقد عشنا سنين طويلة مع بعضنا البعض هنا وإذا أردنا أن نحل مشاكلنا عن طريق الحوار والتفاهم، فعلى أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية توجيه نداء لعناصر تنظيم (PKK) بضرورة التخلي عن السلاح.

عن الكاتب

أحمد زكي غيبري

كاتب في صحيفة ميلاد


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس