جلال سلمي - ترك برس

في شهر نيسان/ أبريل من العام 2012، بدأت، في إسطنبول، محادثات المفاوضات النووية الرسمية بين إيران ودول 5+1 (أعضاء مجلس الأمن الدائمين + ألمانيا). والبارحة، بتاريخ 14 تموز/ يوليو 2015، تم الإعلان عن الوصول لاتفاق نهائي بين إيران والدول الكبرى. بعد توقيع هذه الاتفاقية بدأ الكثير من المحللين المختصين بالشرق الأوسط يتساءلون عن مدى تأثير هذه الاتفاقية على المنطقة بشكل عام وتركيا بشكل خاص.

ومن بين مراكز الدراسات التي تناولت هذا الموضوع وتأثيره على المنطقة مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا". وتناول موضوع تحليل الموقف وتأثيره على المنطقة الباحث في سيتا حسن يلجين. يعرب الباحث في مقدمة تقريره عن أسفه لأنّه "على الرغم من كون الموضوع متعلق بشكل كبير بمستقبل الشرق الأوسط إلا أنه لم ينل القدر الكافي من الدراسة والبحث والتحليل".

ويرجع الكاتب السبب في قلة الاهتمام بالموضوع إلى "احتوائه على عدد من المعلومات التقنية المتقدمة التي يصعب استيعابها من قبل كل باحث". ويشير إلى أنه "على الرغم من صعوبة الموضوع والاتفاقية، إلا أنه موضوع بحاجة شديدة للتحليل والمناقشة، لا سيما أنه يؤثر بشكل كبير ومباشر على منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع".

وحسب تقدير الباحث؛ فإن المحلل الذي يريد تحديد من فاز ومن خسر من خلال هذه الاتفاقية يجب عليه تقييم المرحلة من خلال معلوماته ومكتسباته التقنية، ويبين الكاتب أن "هذه الاتفاقية لا تعد بداية للتصالح ولا نهاية له، إذ قد يطرأ في أي وقت اختلاف بين الدول المفاوضة وخاصة إيران التي يحكمها نظامان "النظام الديني والنظام السياسي".

وكتقييم عام للاتفاقية يوضح الكاتب أنّها "ستكون إيجابية جدًا بالنسبة لإيران، إذ بعد هذه الاتفاقية ستستطيع إيران التقاط أنفاسها بعض الشيء وستتخلص من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية والسياسية القاسية، وهذا سيجعلها دولة متطورة أكثر مما هي عليه الآن. وبعد هذه الاتفاقية إن لم تتمكن من أن تكون دولة نووية ستكون دولة قوية من جوانب عديدة أخرى خاصة بعد حصولها على فرصة لتطوير علاقاتها الاقتصادية مع الكثير من الدول الكبرى والمتطورة".

ويؤكد الباحث أن "إيران، بعد هذه الاتفاقية، ستستخدم فرصة التوسع الجيو سياسي في منطقة الشرق الأوسط بشكل أكبر وأوسع، خاصة بعد حصولها على ضوء شبه أخضر من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بواسطة الاتفاقية الأخيرة التي وفرت لها غطاء شبه دولي. وسيكون همّ الغرب هو المحافظة على سير الاتفاقية بشتى الوسائل وهذا سيصب بشكل كبير في صالح المصالح الإيرانية التوسعية".

وكرد فعل طبيعي، يتوقع الباحث، إنشاء تحالف "سني" مضاد لإيران وسياستها التوسعية في المنطقية لإيقاف هذا التوسع وصد الخطر الإيراني وإفساد خططه الجيوسياسية في المنطقة، وحسب اعتقاد الباحث، يبدو بأن تركيا أو المملكة العربية السعودية أو كليهما سيقود هذا التحالف الذي سيكون متنوعًا وشاملًا إذ يمكن أن يشمل "الجانب السياسي والعسكري والثقافي والعلمي والاقتصادي والاجتماعي".

ويرجع الكاتب السبب في اتجاه تركيا والدول الأخرى إلى إنشاء تحالف معارض إلى "الخطر الجيوسياسي "التمددي" الذي يجعل الكثير من الدول تدخل تحت "اللواء الشيعي" وبالتالي اضطهاد العالم السني "الذي يشكل أغلبية الشرق الأوسط بما فيه تركيا"، وهذا اللواء الشيعي سيضر بشكل كبير استقرار واقتصاد ووضع تركيا والدول الكبرى الأخرى في المنطقة".

وفي ختام تقريره يؤكد الباحث أن "النظريات الواقعية تجبر تركيا والدول الأخرى على التحرك لحماية مصالحها التي يمكن أن تلتهمها إيران التي حصلت على وضع دولي مميز بعد هذه الاتفاقية، النظريات السياسية الواقعية تجبر الدول على أن تكون هجومية استباقية وليس دفاعية، بمعنى أنّ تركيا والدول الأخرى لن تنتظر أن يصلها ويهددها التمدد الشيعي بل ستتحرك على الفور بشكل استباقي نشط أكثر مما كانت عليه في السابق، بعد هذه الاتفاقية، لصد أخطار إيران التوسعية". 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!