سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد محادثات دامت أكثر من 22 شهرًا بين إيران ودول (5+1) والمتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا وإنكلترا وألمانيا، استطاعت الأطراف التوصل إلى اتفاق بخصوص المفاعلات النووية الإيرانية. فخلال الأيام الـ 17 الأخيرة قامت الوفود بتكثيف جهودها وأنهت المحادثات من خلال التوقيع على مذكرة اتفاق مؤلفة من 180 صفحة.

هذا الاتفاق التاريخي، يُعدّ قبل كل شيء، انتصارًا كبيرًا للدبلوماسية. فالأطراف المتفاوضة حول المفاعلات النووية الإيرانية، كانت على وشك إعلان الحرب بسبب هذه المفاعلات قبل مدّة، إلّا أنّ هذه الأطراف استطاعت من خلال العزم والصبر وبعد مفاوضات كثيفة حل هذه المشكلة من خلال الجلوس حول طاولة المفاوضات وأثبتوا للعالم أنّ لا يوجد أي معضلة لا يمكن حلها، فجميع المشاكل العالقة يمكن حلها بالمفاوضات.

ومن خلال هذه الاتفاقية، تكون إيران أول دولة في العالم قد تخلت عن برنامج نووية كانت تهدف من ورائها إلى امتلاك السلاح النووي. فلم يسبق لأي دولة أن تخلت عن برنامجها النووي عن طريق المفاوضات، خاصة إذا كانت تهدف لامتلاك السلاح النووي من خلال هذه المفاعلات. فهذه الاتفاقية لها من الأهمية الكبيرة بالنسبة لإيران، لأنّ هذه الاتفاقية ستخلص إيران من معاناة الصراع مع العالم الغربي والتي استمرت لسنين طويلة. كما أنّ هذه الاتفاقية مهمة أيضاً بالنسبة للغرب، على اعتبار أنّ الدّول الغربية ستستطيع بعد الآن التخلص من قلق امتلاك إيران للسلاح النووي.

مما لا شك فيه أن العامل الذي أرغم الإيرانيين للتوقيع على هذه الاتفاقية، هو العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلادهم والتي أنهكت كاهلهم منذ فترة لا بأس بها. وخلال الاتفاقية التي تمّ التوقيع عليها في "فيينا" تخلّت إيران عن فكرة الاستفادة من الطاقة النووية وإنتاج الأسلحة النووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

وبحسب اللغة الدبلوماسية، فإنّ أساس هذه الاتفاقية قائم على استفادة الطرفين، لا سيما أنّ وزراء خارجية الدّول المشرفة على الاتفاقية، أكّدوا مراراً وتكراراً أنّ الاتفاقية ستعود بالنفع والفائدة على كل الأطراف. فمكسب المجتمع الدولي من هذه الاتفاقية، هو ضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وبالمقابل فإنّ مكسب إيران يتمثّل في التخلص من العقوبات الاقتصادية التي أدت منذ سنوات إلى انكماش في اقتصادها. فالإيرانيين سوف ينفتحون بعد اليوم على العالم الخارجي وسيعقدون مع الدّول المختلفة العديد من الاتفاقيات التجارية.

لكنني وحسب رأيي الشخصي، فإنّ الفوائد التي ستجنيها إيران من هذه الاتفاقية، أكثر بكثير من الفوائد التي سيجنيها المجتمع الدّولي على المدى البعيد. فمسيرة إيران الجديدة بدأت مع إعلان التوصل إلى اتفاقية بشأن هذه المشكلة. وفي حال تمّ تنفيذ بنود اتفاقية فيينا كما هي، فإنّ الأيام القادمة ستشهد علاقات تجارية مكثفة بين العالم الغربي وإيران بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية. وبالتالي فإن إيران سوف تتخلص من عزلتها المفروضة عليها منذ سنين وستمضي قُدما لتكون قوة إقليمية وعالمية فاعلة. كما أن إيران ستكون مركز جذب اقتصادي وسياسي بالنسبة للعديد من الدول الغربية.

والخلاصة أنّ هذه الاتفاقية ساهمت في ظهور إيران الجديدة في المنطقة. وهذا الأمر يستحوذ على أهمية بالغة بالنسبة للدولة التركية ومن شأنها أن تغير الموازين في منطقة الشرق الأوسط.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس