إردال تاناس كاراغول - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو أن المذاكرات التي كانت ترعاها ألمانيا بين الدول دائمة العضوية في الأمم المتحدة - أمريكا، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا – وإيران فيما يتعلق بملف الأخيرة النووي قد انتهت باتفاق بين الأطراف.

الاقتصاد الإيراني الذي تعرض لعقوبات اقتصادية لفترة طويلة أُخرج من النظام الاقتصادي العالمي وأصابته الوحدة واقتصر على ما داخل حدوده بعد أن أغلقت الأبواب أمام صادراته و إيراداته.

ونتيجة لهذا الاتفاق فإن الإقتصاد الإيراني سوف يتجاوز أضرار العقوبات المفروضة عليه سابقًا، لا سيما وأن ذلك سيظهر جليا في قطاع الطاقة، إذ أن إيران تحتل المركز الرابع عالميا في امتلاكها لمصادر الطاقة، والأولى من حيث احتياطي الغاز الطبيعي. وبالتالي فإن انفتاح سوق إيران على الخارج ستكون له تبعاته الداخلية والإقليمية.

نعيش الآن مرحلة جديدة مختلفة على الساحة السياسية والاقتصادية بسبب الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران، إذ أن هذه المرحلة مجهولة الملامح من ناحية اختلاف الموازين وصعوبة تحديد المعادلة الإقليمية الجديدة إذ لا نعرف أي دولة تقف بجانب الأخرى.

كيف يكون تأثير هذا الاتفاق على الاقتصاد التركي؟

لنتناول الآن تركيا.. كيف سينعكس سقوط العقوبات الاقتصادية عن إيران على الاقتصاد التركي بالتحديد؟

خلال الفترة الماضية القريبة وبفضل تطور العلاقات مع إيران بسرعة عام 2014 فإن حجم التجارة المتبادلة بين البلدين قد وصل على 13.7 مليار دولار. في شهر كانون الثاني/ يناير 2015 دخلت معاهدة تركيا - إيران التجارية حيز التنفيذ بعد إزالة العقوبات عن إيران، ولهذا السبب فإن توقع ازياد التجارة المتبادلة بينها لهو خير دليل على ذلك، لأن الاقتصاد الإيراني سيشهد منحى جديدًا ومهمًا بعد سقوط العقوبات عنه خصوصا في قطاع الطاقة والبتروكيمياء. وبالتالي فإن أهمية الاحتياط الإيراني في مجالي الطاقة والغاز الطبيعي - الذي لا يمكن تجاهله عالميا - لا يمكن أن تتجاهله تركيا.

من ناحية أخرى فإن مشاركة  تركيا لتجربتها - التي اكتسبتها في السنوات الأخيرة من خلال إصلاحات مهمة في قطاعات الاتصالات والمواصلات والبنكية ودخولها مرحلة الخصخصة - مع إيران سينعكس بقوة على اقتصاد كلا البلدين.

فيما يتعلق بالحدود مع إيران في شرق الأناضول فإن تطور التجارة الحدودية مع إيران سينعكس إيجابيا على تنمية تلك المنطقة وستتحول إلى منطقة عمل وتجارة جاذبية ومركزية، ولهذا السبب يجب التركيز على التأثير الاقتصادي المتبادل بين إيران وشرق الأناضول باستغلال الفرص المنبعة من نسمات الاتفاق من الغرب إلى الشرق.

تعرضت تركيا والتي عملت مسبقا على إبقاء العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران على أعلى مستوياتها خلال فترة فرض العقوبات على الأخيرة إلى العديد من الانتقادات غير العادلة، ومن بين تلك الانتقادات التي لا يمكن نسيانها تعرض بنك الشعب – من خلاله كانت تركيا تدفع ثمن وارداتها للغاز الطبيعي لإيران – إلى عملية قذرة استهدفت تركيا واستهدفت فعاليات البنوك الاقتصادية في قطاع التجارة الخارجية.

تركيا تسصبح أقوى في تحولها إلى مركز للطاقة

يتوجب على تركيا حاليا أن تستمر في سياستها الاقتصادية الذاتية كما فعلت في مرحلة العقوبات على إيران كما يتوجب على تركيا أن تستخدم جيرتها مع إيران خصوصا في قطاع الطاقة، لا سيما وأن تركيا تعيش في منطقة لا يعرف للمصالح والخلافات حدود وتشهد تقاطع الخطوط الحمراء لدول هذه المنطقة.

أذربيجان بمساهمتها الفعالة في خط الأناضول الطبيعي، وروسيا - أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم - تعيش مشاكل مع الاتحاد الأوروبي، وبمشاركة إيران في خط الأناضول للغاز الطبيعي، كل ذلك سيجعل العناصر الفعالة في قطاع الطاقة في تركيا، ونتيجة لذلك فإن تركيا تتجه نحو دور جديد لا يقتصر على المنطقة بل يأخذ بحوزته العالم في شأن توجيه الطاقة العالمية.

من ناحية أخرى دخول أيران في (ممر الغاز الجنوبي) يعني بالضرورة احتياجها لأسواق جديدة، وبالتالي فهي فرصة يجب استغلالها لأن الدول المنتجة والتي تمتلك احتياطا للغاز الطبيعي ستتواجد في تركيا، وبطبيعة الحال ستأخذ إيران مكانتها داخل هذه الحالة.

انزلاق توازن الطاقة من الغرب إلى الشرق، وازدياد عدد المشاركين في (ممر الغاز الجنوبي) الذي بدأت أهميته تجلب الانتباه، سيسرع في تحول تركيا على عنصر فعال في المنطقة في مجال الطاقة.

لذلك على تركيا أن تستغل هذه الفرصة التي أتتها إلى قدميها في ضوء التغيرات التي تشهدها موازين الطاقة في المئة سنة القادمة.

عن الكاتب

إردال تاناس كاراغول

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس