نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد المباحثات المطولة التي جرت بين الولايات المتحدة الأمريكية والقيادة التركية بشأن الصراع مع تنظيم الدولة (داعش)، تمّ فتح القاعدة الجوية إينجيرليك أمام الطائرات الأمريكية للإقلاع منها أثناء قيامها بعمليات القصف ضدّ مواقع التنظيم في كلٍّ من سوريا والعراق. وقد بدأت الطائرات الحربية بعمليات الانطلاق من هذه القاعدة الجوية منذ الأسبوع الفائت وما زالت الإدارة الأمريكية تنقل أعدادًا من طائراتها إلى هذه القاعدة.

وخلال الأيام القليلة القادمة ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال طائراتها الحربية المتطورة إلى جانب الطائرات (طائرات من دون طيّار) الموجودة في القاعدة وستقوم بتكثيف غاراتها الجوية ضدّ مواقع التنظيم. ومع تتابع الأيام، فإنه من المؤكّد أنّ الموازين العسكرية الموجودة حاليًا في سوريا والعراق، سوف تتغير. وسترافق هذا التغيير، جملة من التغيرات السياسية والأمنية والاقتصادية.

إنّ الغارات التي تشنها قوات التحالف، لن تؤثّر على عناصر تنظيم الدّولة فقط، فإنّ النظام السوري وتنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) وجناحه المسلح في سوريا المتمثل بتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) وحتّى الجيش السوري الحر وجبهة النصرة، سيتأثرون بشكل أو بآخر من هذه الغارات.

من المعلوم أن لا أحد يتوقع حدوث مفاجآت خلال الفترة الزمينة القصيرة القادمة، فاحتمال تكلّل الغارات الجوية التي ستنفذها طائرات التحالف بالنجاح خلال الفترة القصيرة القادمة، يكاد يكون معدومًا. لكننا نستطيع أنّ نقول إن الضربات الجوية سوف تضيق الخناق على عناصر تنظيم داعش خلال الفترة القادمة. كما أنه لا ينبغي علينا أن ننسى أنّ التنظيم سوف يحاول الرد على هذه الغارات بالطرق والوسائل المتوفرة لديه. ومن المتوقع أن لا ينحصر ردّ التنظيم داخل الأراضي السورية والعراقية فقط، بل سيحاول التنظيم الانتقام في أي منطقة تطالها يده.

في الحقيقة إنّه ليس من التضخيم إذا قلنا إنّ فتح قاعدة إينجيرليك سينعكس سلبا على تركيا أكثر من الدّول الأخرى. فالعمليات العسكرية التي ستُنفّذ انطلاقًا من هذه القاعدة سوف تؤثّر على عدّة مجالات في تركيا مثل الاقتصاد والأمن وحتّى السياسة.

ممّا لا خلاف حوله أنّ فتح القاعدة أمام طائرات التحالف، خففت من حدّة الضغوطات التي كانت تمارسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الحكومة التركية، لكن هذا لا يعني بأنّ جميع المشاكل العالقة تمّ حلها من خلال هذه الخطوة. فالمشكلة الحقيقية ستبدأ مع تراجع تنظيم داعش وتغير الشاكلة العسكرية الحالية في سوريا. فالتطورات التي ستحصل على الساحة السورية، سوف تؤثر على الأمن الداخلي التركي، ناهيك عن التبعات الاقتصادية والمالية التي ستنتج عن هذه الضربات، خاصّة وأنّ الغارات العسكرية ستكون موجهة ضدّ عناصر تنظيمي داعش وحزب العمال الكردستاني.

أما بالنسبة لفكرة إقامة المناطق العازلة والآمنة داخل الأراضي السورية، فإنّ من المحتمل أن تكون لهذه الفكرة آثار سلبية على الصعيد الاقتصادي والأمني لتركيا.

ومن المتوقع أيضًا أنّ أكثر المتحمسين لهذه الغارات، هو رئيس إقليم كردستان العراق "مسعود برزاني" خاصّة وأنّ الهجمات التي شنها عناصر داعش في العراق، تسببت بأضرار اقتصادية وسياسية كبيرة في الإقليم. ولربما تبعث هذه الغارات الجديدة نوعًا من الارتياح والطمأنينة للبرزاني. وربما لهذا السبب ربط البرزاني مصير إقليمه بمصير تركيا.

كما أننا لا ننسى أنّ تسارع الأحداث وفتح القاعدة أمام طائرات التحالف بالتزامن مع الغارات التركية على مواقع (PKK)، أربك عناصر هذا التنظيم وجناحه المسلح في سوريا.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس