جلال سلمي ـ خاص ترك برس

انذهل العالم أمام الصورة التي عرضتها قنوات ومواقع الصحافة التركية للطفل السوري أيلان الكردي الذي غرق خلال رحلة لجوء شديدة الخطر كان يحاول ذويه القيام بها من أجل الوصول إلى بر الأمان الأوروبي.

ذكر الكثير من الصحافيين والباحثين الأتراك أن الصورة الخاصة بالطفل السوري أيلان الكردي والتي تم التقاطها بتاريخ 2 أيلول/ سبتمبر نقلت الصورة الحقيقية للوضع السوري المزري إلى الرأي العام العالمي بشكل يهز الأبدان والضمائر هذه الصورة التي لطالما سعت تركيا جاهدة لتنقلها وتصورها للعالم الخارجي الذي لا يتعاطف مع الآخرين إلا من خلال المصالح.

ويفيد الصحفي التركي أردال تاناس كاراغول، في مقال له نُشر في جريدة يني شفق بتاريخ 7 أيلول/ سبتمبر 2015 متصل بنفس الشأن، بأن "أيلان لم يكتفِ بهز أبدان المتفرجين على هذه الوحشية الجبارة بحق الإنسانية في سوريا بل قام أيضًا بإعلامهم بمدى عجزهم وعدم إنسانيتهم إزاء ما يتعرض له الأطفال في سوريا وفلسطين والعراق والصومال وأراكان فقط بسبب خططهم المصلحية الحقيرة التي لاتعرف للإنسانية والعدالة والمساوة أي عنوان أو سبيل".

ويضيف كاراغول في مقاله أن "على هذه المجتمعات والحكومات أخذ بعض الدروس الإنسانية من تركيا وحكومتها التي ضحت بنسبة نجاحها بالأغلبية مقابل عدم التخلي عن المظلوم والمضطهد السوري الذي يتعرض لأبشع الجرائم على يد النظام الأسدي "البائد بإذن الله" وليتعلموا من تركيا العبر والدروس بعد أن ضحت تركيا بأمنها واستقرارها السياسي والاقتصادي فقط في مقابل عدم التخلي عن دورها الإنساني تجاه المظلومين في سوريا الشقيقة".

وكما يضيف الدكتور الأكاديمي في جامعة عزت بايسال فيصل أيهان، في دراسة أكاديمية بعنوان "فهم القضية السورية وأبعادها" نُشرت على الصفحة الرئيسية لمركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية "أورسام"، أن "العالم عجز عن التحلي بالإنسانية في القضية السورية ولم يفعل مافعلته تركيا من سياسات إنسانية مثل سياسية "الباب المفتوح" وسياسة الدعم الإنساني والمادي والعالم المذهل من صورة أيلان اليوم سينساها غدا ً لأنه نسى العديد من تلك الصور ولكن سيبقى أيلان نقطة تاريخية تثبت مدى تخاذلهم وعدم إنسانيتهم".

ويبين أيهان بأن "أيلان أظهر لنا وأكد بأن العالم الغير إنساني والمتوحش لن يسير أبدا ً على نهج تركيا المُنقذ للمظلومين المطالبين بحقوقهم الطبيعية والإنسانية وبين لنا بأن لا فائدة من العتاب على هذا العالم".

ويشير أيهان من خلال دراسته إلى "استغرابه الشديد من تصفيق بعض الناس للدول الأوروبية التي استقبلت جزءًا محدودًا جدًا من اللاجئين السوريين ونسيت الدور الكبير الذي لعبته تركيا في استقبال أكثر من 2.5 مليون لاجئي وقدمت لهم خدمات متنوعة فاقت الستة مليار دولار وقدمت لهم خدمات تعليمية وصحية وعملية، ألم تضحي تركيا بأمنها واستقرارها السياسي والاقتصادي من أجل سوريا؟ لماذا أصبحت الدول الأوروبية أفضل من تركيا والأردن وغيرهما فور قبول استقبالها لعدد بسيط من اللاجئين الذي استطاعوا النجاة أو العبور من بين الآلاف؟".

ويوضح الباحث السياسي جمال  تونج دامير، في مقال له بعنوان "هل الأمم المتحدة أكبر من 5 دول كبرى؟" نُشرت على موقع "ت 24" الإخباري التركي، بأن "أكبر درس يمكن استخراجه من هذه الجرائم هو بأن المؤسسات والمنظمات العالمية التي تم تأسيسها عام 1945 لم تعد فعالة أو أُسست لتكن مجرد صورة نظرية تُنفذ خيارات الدول الكبرى، أين الأمم المتحدة ومبادؤها حيال ما يحدث في سوريا وغيرها؟ لماذا تقف صامتة وعاجزة أمام هذه الجرائم؟ في حقيقة الأمر بعض الدول الغربية أيقنت بأن الأمم المتحدة عاجزة ومربوطة بمصالح دول معروفة بعينها لذا قامت عام 1999 بتأسيس مجموعة العشرين "ج20" لإدارة العالم بشكل اقتصادي تكون فعاليته أكثر وأكبر من الأمم المتحدة نفسها".

ويردف دامير في مقاله بأن "الدرس أصبح واضح وهو أن العالم أصبح أكبر من الدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة والأزمات العالمية أصبحت لا تحتمل في ظل عرقلة هذه الدول لأي قرار إنساني لا يخدم مصالحها، وعزم تركيا اليوم على طرح القضايا الاقتصادية والسياسية والإنسانية في اجتماع مجموعة الدول العشرين المزمع عقده في مدينة أنطاليا ما بين 15 إلى 16 تشرين الثاني/ نوفمبر هو لأكبر دليل على يقين تركيا بشكل كبير بعجز الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية الركيكة لحل الأزمة في سوريا وغيرها من المناطق المنكوبة، وستقوم تركيا بدورها السياسي والإنساني في حل هذه الأزمات وغيرها من خلال جميع المحافل الدولية التي يمكن أن تكون أكثر تأثيرا ً من الأمم المتحدة الهرمة".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!