ترك برس

بعد حادثة مافي مرمرة عام 2010 وحادثة مؤتمر دافوس عام 2009 بدأ استخدام العناصر الدينية في السياسة الخارجية التركية في منطقة الشرق الأوسط السنية المتناحرة مع إسرائيل وإيران الشيعية يظهر بشكل ملحوظ وكبير.

أوضح الكثير من الخبراء والمختصين بالسياسة الخارجية التركية أن المسؤولين الأتراك بعد عام 2010 أصبحوا على قناعة بأن السياسة الدبلوماسية لتركيا تجاه منطقة الشرق الأوسط لا بد بأن تتسم بالمحور والخطاب والشعار السني الذي ستحدده وزارة الأوقاف التركية وستلعب به دورًا كبيرًا.

ويبين الخبير في شؤون السياسيات الخارجية  نزيه أونور كورو، في دراسة أكاديمية بعنوان "الدبلوماسية الدينية" نُشرت على الصفحة الرسمية لمركز أنقرة للدراسات الاستراتيجية بتاريخ 20 شباط/ فبراير 2015، أن "السياسة الخارجية الدينية لوزارة الأوقاف التركية والحكومة التركية اعتمدت بشكل كبير على الخدمة الدينية والمؤتمرات الدينية والمنح التعليمية لدراسة الشريعة الإسلامية في الجامعات التركية وبعثات الحج والعمرة الممولة من قبل وزارة الأوقاف التركية".

ويردف كورو بالقول "وزارة الأوقاف الدينية لم تبدأ بنشاطتها وعملها الدبلوماسي الناعم بالتحديد في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية بل بدأت منذ عام 1975 ومنذ ذلك التاريخ إلى عام 2010 قامت وزارة الأوقاف التركية بإنشاء 50 جامع ضخم في 25 دولة إسلامية مختلفة بالإضافة إلى ذلك قامت وزارة الأوقاف بتنظيم العديد من المؤتمرات الدينية الضخمة في إسطنبول كان أخرها المؤتمر الذي عُقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015  تحت عنوان "قمة علماء الدين المسلمين في دول قارة أمريكا اللاتينية" حيث صرح بها رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان بأن أمريكا اكتُشِفت أول مرة من قبل المسلمين وأكد على ذلك أكثر من مرة ليجعل المسلمين هناك يشعرون بالثقة العالية وينجذبون أكثر إلى تركيا الداعمة لوجودهم لهناك والمُدعية أحقيتهم بتلك الأراضي مقارنةً بغيرهم".

ولكن يبين كورو أن "نشاطات الدبلوماسية الدينية ازدادت وتكثفت في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية"، موضحًا أن "هذه الدبلوماسية النشطة تزيد حجم التنافس بين تركيا والمملكة السعودية العربية التي لطالما تحملت الدور الأساسي في قضية دعم الخدمات الدينية في جميع الدول حول العالم، واتضح هذا التنافس بشكل ملموس بعد قيام تركيا بدعم مرسي بعد انقلاب السيسي عليه بتاريخ 3 تموز/ يوليو 2013، وادعت تركيا في حينها أنها تدعم مرسي على أساس ديمقراطي عادل، وأصبح التنافس بين الدولتين واضحًا للعيان، ولكن بعد وفاة الملك عبد الله في فبراير وتولي الملك سلمان للحكم، ظهرت آمال بتحول قواعد اللعبة التعاونية بين الطرفين على أساس 1+1 أي تعاون إيجابي تكون الفائدة والعلاقات الدبلوماسية فيه مشتركة وليست تنافسية".

ويفيد المتحدث باسم الرئاسة التركية الأكاديمي إبراهيم كالين، في مقال أكاديمي له بعنوان "السياسة الخارجية التركية والدبلوماسية الدينية" نُشر على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية التركية، بأنه "على الرغم من أن وزارة الأوقاف التركية هي المؤسسة الأساسية للدبلوماسية الدينية التركية إلا أن تركيا بكافة هيئاتها ومؤسستها تعمل على قدم وساق لاستخدام الدبلوماسية الدينية بشكل وثيق في السياسة الخارجية التركية، والدليل على ذلك هو استخدام جميع المسؤولين الأسلوب الديني أثناء مخاطبة الشعوب المسلمة وأيضًا قيام رئاسة الوزراء التركية ورئاسة الجمهورية بدعم نشاطات وكالة التعاون التركية "تيكا" الخاصة ببناء المساجد الجديدة وترميم المساجد العثمانية القديمة لإعادة تركيز الشعوب المسلمة بالروابط التاريخية والدينية الوثيقة الرابطة لتركيا والشعوب المسلمة وهذا مايجعل الشعوب المسلمة تنجذب دينيًا وعاطفيًا إلى تركيا".

ويشير كالين إلى أن "أردوغان أعلن ذروة الدبلوماسية الدينية لتركيا خلال زيارته إلى كولومبيا في أمريكا الجنوبية ولقاءه بالجاليات المسلمة هناك حيث ألقى عليهم خطابات مليئة بالشعارات الإسلامية الداعية للتوحد والاتحاد، وأعلن أن الأمم المتحدة لم تعد تخدم القضايا الإسلامية لوقوعها تحت أسر بعض الدول التي ترعى مصالحها فقط وهذا ما يعرض المسلمين للمزيد من عمليات التمييز والقهر والتعذيب وللقضاء على هذه الأوضاع لا بد من تفعيل منظمة المؤتمر الإسلامي وجعلها أكثر فعالية، مضيفًا أن تركيا ستقوم بنتفيذ جميع المهام اللازمة من أجل هذه الخطوة".

ويؤكد كالين أن "على تركيا أن تسعى إلى استخدام الدبلوماسية الدينية بشكل نشط من خلال إظهار نفسها بأنها الدولة الإسلامية الكبرى التي تهتم بجميع قضايا المسلمين بكل حزم وجد، وكان لأردوغان موقف يُذكر بعد قيامه باتهام أوباما بالتقصير في إدانة الحادث الذي راح ضحيته ثلاث شبان مسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية قبل بضعة شهور وانتقاد أردوغان الشديد لأوباما، وبهذا ظهرت تركيا على أنها الدولة الأكبر القادرة على الاهتمام بقضايا المسلمين أينما كانوا وفي وجه جميع القوى العالمية، ولا نغفل بأنه إلى جانب هدف تركيا السياسي للظهور كدولة قوية فإنها سياستها تحمل نصيبًا عاطفيًا وإنسانيًا لا يمكن إنكاره".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!