فؤاد آوغور - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس

لا شك أنّ مشهد الطفل آيلان كردي قد حرك مشاعرنا جميعا، حتى أولئك الذين كانوا ينادون "بطرد اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى بلادهم" أيضا تألموا لذلك المشهد الذي هز ضمير كل من كان له قلب.

وقد كتبت الممثلة السينمائية "هاندي آتايزي" على حسابها الشخصي :"أريد تبني طفل سوري للتخفيف من آلامهم، لكنني لا أعرف الخطوات اللازمة لذلك، سأبحث عن هذا الموضوع"، وبذلك أشارت الممثلة لنقطة هامة جدا وموضوع يستحق أنْ نتوقف عنده.

كشف يوم أمس رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان İHH السيد مراد يلماز، عن وجود 600 ألف طفل سوري يتيم في تركيا، ولذلك نتساءل هل يوجد نظام وقوانين في تركيا لتبني هؤلاء الأطفال؟ الجواب لا، والسبب في ذلك أنّ هؤلاء الأطفال لا يتمتعون بالمواطنة التركية، فحتى يتم تبنيهم، أو تقديم المساعدة لهم من خلال العيش مع أسر تركية، يجب إدخال أسمائهم إلى النظام، ومن أجل ذلك يجب أنْ يكونوا مواطنين أتراك.

وبكل تأكيد تقدم الدولة التركية، وكذلك هيئات العمل الخيري، المساعدات اللازمة لهؤلاء الأطفال في المخيمات، من خلال الدعم المادي والتعليمي وغيرها، وقد سألت المعلمين المشرفين على هؤلاء الأطفال في مخيمين في محافظة "كيليس" السؤال التالي:" هل استطاع الأطفال تجاوز الصدمات النفسية التي تعرضوا لها؟"، وكان ملخص الإجابة "بأنّ الأطفال حينما وصلوا الأراضي التركية كانوا يتحدثون بأصوات عالية، وردود فعلهم قاسية، وكانوا يخافون من أي صوت، لكن مع الوقت أصبحوا أكثر هدوءا. والأطفال أكثر ليونة من البالغين، ولذلك تجاوز مثل هذه الصدمات النفسية يكون أسهل بالنسبة لهم".

هذا هو الوجه الظاهر من مراكز إيواء الأيتام، لكن في المقابلة هناك عشرات الآلاف منهم في الشوارع، أو عند أقارب لهم يعتنون بهم، واعتقد أنّ وجود حكومة انتخابات حاليا ستصعب من إمكانية تعديل وتغيير القوانين من أجل تبني هؤلاء الأطفال، لكن بالإمكان إجراء تعديلات عديدة، واتخاذ قرارات في هذا الجانب.

على سبيل المثال، تستطيع وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية اتخاذ خطوات سريعة، مثل إطلاق حملة متخصصة لكفالة هؤلاء الأطفال، وقد نجحت تركيا على مدار السنوات الماضية في تقديم نموذج رائع للحضانة العائلية المتخصصة، لأنّ إجراءات تبني الأطفال تستغرق وقتا طويلا، أما كفالة الأطفال فهو حل نموذجي وعملي.

أهم ما يميز كفالة الأطفال المتخصصة، هي بقاء الطفل على ذمة الدولة، وبالتالي يقوم المسؤولون بين الفترة والأخرى بزيارة العائلة التي تحتضن هذا الطفل وتأخذ منه معلومات، وفي حال وجود أي مشكلة يستطيع المسؤولون التدخل فورا، وأيضا إذا كان للطفل أقرباء، فإنّ لهم الحق الكامل في زيارته ورؤيته بصورة دورية.

أكثر خطر يهدد هؤلاء الأطفال هو سقوطهم في يد مافيا الأطفال، ومع أنّ هذا الأمر يتم متابعته بانتظام، إلا أننا ما زلنا نلاحظ خروج مواقع على الانترنت تدعي "تبني الأطفال السوريين"، ويشترون الأطفال بالأموال عن طريق مثل هذه المواقع، ويستغلون ذلك في تجارة الأعضاء.

وقد جرت بعض الدراسات حول هذا الموضوع، لكن لم تخرج نتائجها حتى الآن، وعدم حل هذه المشكلة بسبب الإجراءات البيروقراطية سيؤدي حتما إلى تفاقمها في المستقبل، وستقود إلى مشاكل اجتماعية عديدة ستخرج أمامنا.

ولذلك نتمنى على وزير الأسرة والسياسات الاجتماعية الجديد تطبيق سياسة كفالة الأطفال المتخصصة للأيتام السوريين، وستكون هذه مثابة الهدية لهم، لحمايتهم وحماية مجتمعنا أيضا من آفات قد تنجم عن نمو هؤلاء الأيتام ووقوعهم في يد المافيا، وهذه هدية ليست للأطفال فقط وإنما للإنسانية جمعاء.

أيضا من يريد مساعدة هؤلاء الأطفال بإمكانه مراسلة هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان "İHH" التي تقدم مساعدات دورية لهؤلاء الأطفال.

عن الكاتب

فؤاد أوغور

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس