جلال سلمي - خاص ترك برس

الحملات الانتخابية هي العصب الأساسي للأحزاب السياسية خلال فترات الانتخابات لإقناع الناخب بالخطة السياسية للحزب بعد فوزه في الانتخابات، ويعتمد الناخب بعد إطلاعه على وعود الأحزاب السياسية على عدة عوامل للحصول على قناعة من تلك الوعود المطروحة على الساحة.

تتعدد العوامل الخاصة بقناعة الناخب بالوعود المطروحة من قبل الأحزاب السياسية ولكن يمكن ذكر أهم هذه العوامل والتي هي؛ مخاطبة الوعود لهوية الناخب وقوميته، مخاطبة الوعود لمصالح ومنافع المجتمع العامة، مخاطبة الوعود لمصالح الفرد الشخصية، التاريخ الماضي للحزب وماقام به سابقا ً، القيم الإيدولوجية والفكرية وغيرها الكثير من العوامل المؤثرة في قناعة الناخب.

وفيما يخص الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية التركية فقد ظهرت وجهتها العامة من خلال رسائل العيد التي قامت الأحزاب السياسية التركية بصرفها من أجل الوصول إلى قلب الناخب التركي ومن ثم صوته القيم. وفي تقييم لرسائل هذه الأحزاب يفيد الخبير الإعلامي مُحرم صاري كايا، في مقال سياسي له بعنوان "ساحة الدعاية السياسية" نُشر في جريدة خبر ترك بتاريخ 27 أيلول/ سبتمبر 2015، بأن "الأحزاب السياسية التركية أظهرت من خلال رسائل العيد الخاصة بها بأن الحملات الانتخابية أوالدعاية السياسية القادمة ستعتمد على الرسائل والصور المختصرة والمُخاطبة للعقل الباطن بشكل مباشر ومؤثر كبديل للأفلام والأغاني الطويلة التي استعملتها الأحزاب طيلة الفترات السابقة".

ويضيف صاري كايا بأن "رسائل حزب العدالة والتنمية التحريرية والتي كان تنص على أن "تركيا بحاجة إلى حضن يجمع جميع أطياف المجتمع التركي دون أي تمييز" كانت ناجحة بمخاطبتها للعقل الباطن والحس الإنساني والانتمائي لجميع أفراد المجتمع التركي ولكن الصورة الدعائية لحزب العدالة والتنمية لم تكن ناجحة".

ويُرجع صاري كايا سبب عدم نجاح الصورة الدعائية لحزب العدالة والتنمية إعلاميًا إلى "استخدام قناة الدولة الرسمية لنشرها وهذا يعتبر مخالف للقيم الاجتماعية للمواطنين الأتراك الذين يعترضون اعتراضًا شديدًا على استخدام أيٍ من مرافق ومؤسسات الدول لصالح حزب سياسي مُعين كما أن ارتداء أحمد داود أوغلو للمعطف الشتائي الأسود في الصورة جعلها صورة تفقد وقتها الحديث وتبين عدم تناسق الدعاية السياسية الخاصة بحزب العدالة والتنمية وذلك لأن صور الشتاء بالعادة تُبعد الناظر بينما صور الصيف متنوعة الألوان والمشاهد تجذب الناظر أكثر وأكثر".

ويضيف صاري كايا بأن "رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو كانت له صورة أكثر جذبًا خلال فترة العيد إذ التقطها بملابس صيفية مواكبة للوقت الحالي وزهية الألون جاذبة للناظر إليها، وكما تخللت رسائل وصور العيد الخاصة بكمال كيليجدار أوغلو كانت تُظهر بأن كيليجدار أوغلو القائد المتسامح الداعم لجميع الأحزاب والفئات والقوميات المجتمعية والسياسية من خلال نشر عدة صور له مع القيادات السياسية الأخرى ومع عدة فئات مجتمعية وقومية ودينية أخرى على رأسها الفئة العلوية".

وفيما يخص حزب الحركة القومية فقد وفر على نفسه الرسائل والصور الإعلامية السياسية وأجل ذلك إلى موعد الانتخابات القادمة، وانتهج حزب الشعوب الديمقراطي نفس النهج واكتفى بالإدعاء بأن هناك جرائم حكومية تُرتكب في شرق وجنوب شرق الأناضول ولمح بأن هذه الجرائم لن تنتهي إلا من خلال انتخاب حزب الشعوب الديمقراطي الذي يهدف إلى إقامة منطقة استقلال ذاتي في المنطقة وهذا جعل حزب الشعوب الديمقراطي يتصدر القمة في الرسائل السياسية الضمنية خلال فترة العيد".

وفيما يخص الدعاية السياسية للأحزاب السياسية التركية في الانتخابات المُقبلة يبين صاري كايا بأن "حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري يريدان استخدام أسلوب "الداعم الأكبر للوحدة والتعايش المتنوع في تركيا" يبدو أن حزب الشعب الجمهوري من خلال أسلوب دعاياتها لإعلامية أكثر نجاحًا من حزب العدالة والتنمية الذي يحتاج إلى بعض التعديلات الفنية في أسلوبه والصور الدعائية الذي يُحاول نشرها".

وإلى جانب صاري كايا يبين العديد من الخبراء الإعلاميين والسياسيين بأن حزب الحركة القومية، حسب فكره وإيدلوجيته، لن يستطيع انتهاج نهج الوحدة والتعايش في تركيا بل سيعتمد على العزف على وتر القومية كما تعمد ذلك منذ تأسيسه، أيضًا حزب الشعوب الديمقراطي سيكون له صاع كبير من القومية الكردية حتى يستطيع تحقيق نجاح مثمر كما في الانتخابات السابقة.

وحسب الخبراء فإن الذي سيتغير في الانتخابات القادمة هو نهج حزبي الشعب الجمهوري والعدالة والتنمية الداعي إلى الوحدة والتماسك، حزب العدالة والتنمية كان على ذلك منذ تأسيسه ولكن حدثت بعض التغيرات الخطابية لدى بعض قيادته جعلته يظهر وكأنه حزب لم يُعد موضوعي ومحتضن لجميع الأطياف كما كان في السابق ولكن الأن داود أوغلو يحاول إبعاد هذا التصور ومحوه وستظهر نسبة نجاحه بعد نتائج الانتخابات.

أما حزب الشعب الجمهوري فكان دومًا يعتمد على أسلوب الإقصاء ولكن بعد اقتناعه بنجاعة أسلوب الاحتضان والدعوة للتعايش بعد نسبته الجيدة التي حققها في الانتخابات السابقة أصبح هو أيضًا من الأحزاب الحاضنة وأصبح المنافس الأول لحزب العدالة والتنمية في ذلك النهج.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!