جلال سلمي - خاص ترك برس

تذكر الوثائق التاريخية بأن الشعب التركي اعتنق الكثير من الأديان والمعتقدات على مر التاريخ ولكن أكثر هذه الديانات التي انتشرت وأصبحت الدين الأساسي لدى الأتراك هو الدين الإسلامي.

يُعتبر الدين أحد أهم العناصر المهمة للقيم المجتمعية التي تشكل ثقافة مجتمع ما، ويُعتبر الدين أحد العناصر الأساسية المهمة في التأثير على فن ومستقبل وأخلاق ولغة وأهداف المجتمعات، ولأن الدين مرتبط بجميع هذه العناصر فإن تغييره يُعتبر من أصعب الأمور التي يمكن أن يواجها مجتمع ما، وقد عاش الشعب أو المجتمع التركي مرحلة واجه فيها هذه الصعوبة ما بين القرنين الثامن والثاني عشر.
تبين المصادر والوثائق التاريخية أن الشعب التركي اعتنق الكثير من الأديان والمعتقدات على مر التاريخ ولكن أكثر هذه الديانات التي انتشرت وأصبحت الدين الأساسي لدى الأتراك هو الدين الإسلامي، وتشير الوثائق التاريخية إلى أن الشعب التركي لم يخض أي حرب تُعارِض المسلمين الذين كانوا يحاولون نشر الإسلام في الصين.

حسب المصادر التاريخية كان الجيوش العباسية الإسلامية تحارب بضرواة على مشارف الصين واستمرت حربها لفترة طويلة ولم ينتج عنها أي نتيجة إيجابية لصالح الدولة الإسلامية ولكن في عام 751 عندما انضمت قبيلة كارلوك التركية الكبيرة للجيوش العباسية طوعًا وعن سابق قناعة بالدين الإسلامي، ولكن دون الإعلان عن دخولها الإسلام بشكل رسمي، استطاعت الدول العباسية الإسلامية تحقيق انتصار ملموس على الجيوش الصينية في حرب "طالاس".

بعد هذه الحرب تطورت العلاقات التركية العربية بشكل إيجابي وكبير جدًا، لم يكُن الأتراك طرفًا مشاركًا في تلك الحرب، بل كانوا طرفًا مُعاونًا ولم يُعادوا الدول الإسلامية، وقد غيّرت هذه الحرب قدر آسيا الوسطى من منطقة بوذية تعبد الطبيعة والشمس والقمر إلى منطقة إسلامية دخل قاطنوها الإسلام أفواجًا طواعية وعن سابق قناعة تامة.

بعد هذه الحرب تأثرت القبائل التركية الأخرى بالإسلام وبدأت هذه القبائل بالذهاب إلى بغداد لإعلان إسلامها علانية وإعلان بيعتها للسلطان العباسي في بغداد، وهنا يُطرح سؤال جوهري وهو ما هي العوامل التي أثرت على الأقوام التركية للقبول بالإسلام طواعية؟ يمكن سرد هذه العوامل بالشكل التالي:

ـ تعاطف الأقوام التركية مع الديانات الداعية للتسامح والعدالة والاحترام المتبادل وغيرها الكثير من القيم الحميدة التي يدعو لها الإسلام الكريم التي جعلت الأقوام التركية تعتنق الدين الإسلامي فور سماعها عنه.

ـ تشابه الدين الإسلامي مع الكثير من القيم الدينية للمجتمع التركي والذي كان يؤمن يوحدانية الرب وباليوم الآخر.

ـ القيم الاجتماعية؛ الأهمية المُعطاة لمصطلح العائلة أو الأسرة، الشرف، الأهمية المُعطاة للنظافة الشخصية والعامة وغيرها الكثير من القيم الاجتماعية.

ـ القيم الاقتصادية؛ حيث قضى الدين الإسلامي على الطبقات الاقتصادية الموجودة داخل المجتمع وهذه الطبقات لم تكن موجودة لدى الأتراك قبل اعتناقهم الإسلام وبعد سماعهم بعدالة ومساواة الإسلام الاقتصادية أصبحوا أكثر اعتقادًا بقوة الدين الإسلامي وأحقيته.

ـ العداء الأزلي بين الأتراك والصينيين؛ كان هناك عداء وتنافس حاد بين الأقوام التركية والصينية فيما يخص السيطرة وفرض السيادة على منطقة آسيا الوسطى ومنطقة جنوب آسيا هذا التنافس ومع اعتقاد الأتراك السابق بصحة الدين الإسلامي وحقيقته جعل الشعب التركي يجد من الوقوف بجانب الجيوش الإسلامي فرصة للقضاء على الغطرسة الصينية ونشر الدين الإسلامي الحق في الصين.

ـ نتائج اعتناق الأتراك للإسلام:

ـ تطورت العلاقات العربية التركية وأصبح للأتراك دورٌ كبير في المهام الإدارية والعسكرية داخل كيان الدولة العباسية، وبذلك قضى الأتراك على الاحتكار الفارسي لهذه الوظائف.

ـ تحولت الاستراتيجية العسكرية من استراتيجية هجومية إلى دفاعية وبدأت الصين بتحصين نفسها بسور الصين العظيم لحماية نفسها من الجيش الإسلامي الذي زادت قوته أضعاف مضاعفة بانضمام الأتراك إليه.

ـ أصبحت طرق التجارة الشرقية والآسيوية في أيدي مسلمة.

ـ تقوية الدولة العباسية ضد الدولة البيزنطية التي كانت تهدد الدولة العثمانية من جهة الغرب وبالتحديد في مدن الرّها وعنتاب وطرسوس.

ـ أصبحت الدول التركية تُبنى على أساس إسلامي، ومن الدول التركية التي أنشئت على أساس إسلامي؛ الدولة الطولونية في مصر "868 ـ 903"، الدولة الأخشيدية في مصر "935 ـ 969"، الدولة الكاراهينية في بلاد الأناضول "840 ـ 1212"، الدولة الغازنيية في بلاد الأناضول "963 ـ 1187"، الدولة السلجوقية في بلاد الأناضول "1037 ـ 1194"، الدولة العثمانية في أنحاء واسعة من العالم "1299 ـ 1924".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!