إبراهيم كالن - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

أزمة اللاجئين السوريين خلقت ديناميكيات سياسية وإنسانية جديدة من بلاد الشام إلى تركيا وأوروبا، ووضعت تحديات كبيرة لإنقاذ مئات الآلاف من الهاربين من الحرب الوحشية وغير الأخلاقية.

وقد حملت تركيا على عاتقها مسؤولية مليوني لاجئ من سوريا والعراق، الأمر الذي كان واجبًا أخلاقيًا وانسانيًا تلقت عليه التقدير والثناء.

ولكن هناك المزيد مما يجب القيام به لإدارة ما وصفه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية".

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بروكسل هذا الأسبوع لمناقشة هذا وغيره من القضايا مع قادة الاتحاد الأوروبي، وقد وافق كل من رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز وأردوغان على تشكيل فريق عمل تركي- أوروبي من شأنه النظر في الجوانب الإنسانية واللوجستية والمالية للأزمة.

كما أنشأت تركيا بالفعل مجموعة عمل مع ألمانيا، والتي ستعمل كقوة هادفة لإدارة تدفق اللاجئين من سوريا وأماكن أخرى إلى أوروبا.

فريق العمل التركي- الأوروبي سيعمل على إعداد خارطة استراتيجيات مع إجراءات طويلة وقصيرة الأمد لإيجاد حلول مقبولة ومستدامة للأزمة المتفاقمة.

ومن جانبه قال يونكر: "على ما يبدو أننا بحاجة إلى تركيا، والمجلس سوف يهب لمساعدتها"، حيث أن كلماته لاقت صدى في الرأي العام في أوروبا.

في 7 أكتوبر/ تشرين الأول وفي خطوة نادرة قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالتعاون مع الرئيس الفرنسي وخاطبا البرلمان الأوروبي للإلحاح على الدول الأعضاء في الاتحاد للارتقاء إلى مستوى المسؤولية.

ودافع هولاند عن المبادئ البسيطة والواضحة للتضامن والمسؤولية والحزم، في حين أشارت ميركل إلى دور تركيا الجوهري وتعهدت بمزيد من الدعم.

في الحقيقة هناك حاجة ماسة للمزيد من الدعم والتنسيق، لا تستطيع تركيا أن تتعامل مع هذه الأزمة المتفاقمة بمفردها، فلديها بالفعل حوالي مليوني لاجئ من سوريا في مخيمات اللاجئين وفي المدن في مختلف أرجاء البلاد.

لقد تمت العناية بهم من قبل الحكومة، فضلًا عن المنظمات الخاصة والمواطنين العاديين، فيما توفر المفوضية والوكالات المرتبطة بالاتحاد الأوروبي بعض المساعدة، لكنها أقل بكثير من الكم المطلوب والفاعلية المرغوبة.

هذا ما عدا أن التدخل الروسي في سوريا سوف يقود لموجات جديدة من اللاجئين، هجماتها على مجموعات المعارضة المعتدلة داخل وحول مدينة دمشق وحماة وحلب وحمص من المرجح أن تؤدي لموجات جديدة من اللاجئين ومعظمهم على الأغلب سيأتي إلى تركيا باعتبارها الطريق الأسهل والأكثر آمنًا للكثير منهم وخصوصًا من يعيش شمالي سوريا.

هناك ثلاثة تدابير طويلة- قصيرة الأمد ينبغي أن تُتخذ للتعامل بشكل فعال مع أزمة اللاجئين الحالية،

الأول منها هو تنسيق وصول واستقرار اللاجئين الذين هم بالفعل في الدول الأوروبية أو في طريقهم إليها عن طريق البر أو البحر.

مشاهد مشي النساء والأطفال مسافات طويلة، ونومهم في الشوارع، أو إطلاق الغاز عليهم من قبل الشرطة هي مشاهد مشينة يحب وقفها.

فتح المواطنون الأوروبيون والمنظمات الخاصة أذرعتهم وقلوبهم للاجئين وينبغي على الحكومات أن تفعل الشيء عينه.

يجب تذكير الجماعات المعادية للهجرة والتي لديها رهاب ضد الأجانب والمهاجرين بتاريخ أوروبا في الهجرة فقط قبل عدة أعوام من الآن.

والثاني هو زيادة التعاون والتنسيق بين تركيا وأوروبا بخصوص اللاجئين من سوريا والعراق وأماكن أخرى.

كما ذكرت سابقًا فقد بدأ الفريق التركي- الأوروبي بالفعل في عمله والمشاورات المفصلة ستتبع.

هنا يجب أن توضع احتياجات تركيا والاتحاد الأوروبي معًا، ويجب أن تقود المناقشات إلى مشاركة الأعباء لا تقاسمها.

إجراءات أنصاف الحلول وخطوات حفظ ماء الوجه لم تعد تؤمن حلولًا مستدامة، فمن خلال مساعدة تركيا، دول الاتحاد الأوروبي ستساعد نفسها.

كما قال الرئيس أردوغان خلال زيارته لبروكسل إن مجموعة كبيرة من الإجراءات بما فيها تسريع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي والإسراع في رفع تأشيرة السفر إلى الاتحاد للمواطنين الأتراك يمكن أن تُخفف أعباء تركيا والذي بدوره سيجعل عمل الاتحاد الأوروبي أسهل.

الثالث يذهب إلى قلب الأزمة السورية وحقيقة الحرب الدموية لنظام الأسد في سوريا.

كما تظهر العديد من الدراسات أن اللاجئين السوريين يهربون من البراميل المتفجرة، الأسلحة الكيميائية والميليشيات التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد فضلًا عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".

السبب الجذري للمشكلة هو الحرب في سوريا التي أدت إلى أعمال وحشية لا توصف ومآسي انسانية على مدى السنوات الأربع الماضية.

انضمت روسيا الآن روسيا إلى الحرب بقوتها الكاملة في محاولة منها لإنقاذ نظام الأسد إلى جانب دعم إيران من قادة عسكريين ومسلحين وذكاء ومال.

وكما قلت من قبل، هذه التطورات الأخيرة سوف تطيل الأزمة السورية بدلًا من إنهائها.

أزمة اللاجئين يمكن أن تصبح فرصة لتسوية التنسيق بين تركيا والاتحاد الأوروبي للتعامل مع واحدة من أكثر الحالات مأسآوية في التاريخ الحديث، فمن خلال مساعدة الآخرين نحن نساعد أنفسنا!

عن الكاتب

إبراهيم كالن

الناطق الرسمي باسم الرئاسة التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس