مروة شبنم أوروتش – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

كان بإمكان الأسد أن يعلن حظر الطيران في المنطقة الغربية من سوريا ويوقف موت شعبه، لكنه لم يفعل. وكان بالإمكان إرسال مضادات الطائرات للمعارضة السورية أو على الأقل للمجموعات التي تتواصل مع بعضها، فيحموا انفسهم والشعب، لكنهم لم يفعلوا.

نجحت المعارضة السورية في محاربة النظام العسكري، وحزب الله، والإيرانيين المؤتمرين بحكم قاسم سليماني وأضف إليهم الجماعات الشيعية من العراق وأفغانستان من جانب وفي محاربة تنظيم الدولة من جانب آخر؛ حتى لم يبقى على البسيطة من لم تنجح في محاربته هذه المعارضة، لكن شأن الغارات الجوية كان مختلفًا فهي تشكل المشكلة الكبرى للمعارضة كما تمثل أيضا هذه الغارات مع البراميل المتفجرة التهديد الأكبر للمواطنين. إن إعلان منطقة حظر للطيران كان سيوفر مأوى للاجئين الذين تريد منهم أوروبا أن يعبروا الحدود إلى تركيا ولكن لا يتخطوها إلى الطرف الآخر؛ كانت منطقة حظر الطيران ستحمي النساء والأطفال.

تركيا وفي لقاءاتها خصوصا مع الولايات المتحدة تركز دائما على أهمية هذا الأمر وبشكل كبير؛ هذا الشيء الذي لو عرضناه على جاهل لتفهم لماذا تصر الولايات المتحدة تجاهلها له.

فتركيا وبشكل متستمر تحاول أن توصل للعالم أن عدم إيقاف الأسد عن أعماله سيؤدي إلى تفاقم الوحشية والإجرام سواء الناتجة عن نظام الأسد أو عن الجماعات المتطرفة أمثال تنظيم الدولة؛ مع عدم الحاجة لقول ما يمكن إدراكه، بالنظر للوضع الراهن يمكننا أن ندرك لماذا تمر هذه الرسائل عن أذن العالم ولا تدخلها!

أوباما ومعه القادة الأوروبيون وعند كل حديث لهم في الميكروفونات لا يكفون عن قول إن مستقبل سوريا مجهول وإن ظالمًا مثل الأسد يقتل شعبه يجب أن يذهب، حسنا ما دام كذلك لماذا لم يخطو أي خطوة بهذا الاتجاه.

بعد خطاب الأسد قبل ثلاثة شهور والذي قال فيه "إن الجيش يمر بظروف صعبة، ولا يمكننا التراجع"، ما أوعزته الدبلوماسية الإيرانية إلى روسيا" إذا لم تتدخلوا سيسقط النظام، الأمر الذي لا نستطيع إيقافه" سجلته وسائل الإعلام العالمية. وبعده بفترة قصيرة أصبحت الحشود الروسية في غرب سوريا، وأصبح واضح ما ستؤول إليه الأمور. فالطائرات الروسية وبقصفها للمناطق الغربية من سوريا والتي سيطرت عليها المعارضة بعد إحرازها تقدمات مهمة، هي تعد المنطقة لعملية برية.

فالأخبار انتشرت ومنذ اليوم الأول للضربة الجوي الروسية  بأن القوى المشتركة التي أرسلتها إيران مع حزب الله ستقاتل بجانب الجيش النظامي وأنها بمساعدة وتوجيهات روسية ستعيد السيطرة على المناطق التي بيد المعارضة السورية لا تلك التي بيد داعش. من جانب آخر فإن جهودًا دبلوماسية حثيثة تبذلها روسيا مع دول مثل الولايات المتحدة، والسعودية والامارت لإجبار المعارضة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وذلك لحماية بقاء نظام الأسد.

لا يخفى أن استباحة الأجواء التركية من قبل الطيران الروسي والمضايقات التي تتعرض لها الطائرات التركية من قبل الطيران السوري ما هي إلا جزء من هذه الخطة.

إن تتالي هذه الأحداث بعد القرار الألماني الأمريكي بسحب راجمات الباتريوت المنصوبة في الجنوب التركي بعد تهديدات الأسد عام 2013 أمر يدعو للتفكر، فتصريح الناتو بشأن إبقاء أو إزالة راجمات الباتريوت الإسبانية وقوله "إذا دعت الحاجة سنرسل راجمات جديدة خلال أسبوع "لا يترك مجالًا للشك بأن دول الناتو على علم استخباراتي مسبق بما يحصل بسوريا.

كما أن خطاب الناتو بعد استباحة الأجواء التركية ومن غير الوقوف على كلمات الخطاب وبالتفكر بالعلاقات غير المستقرة خلال الأعوام الثلاث الأخيرة، يمكننا أن ندرك أن هذا ما هو إلا شكل جديد لضغوط الغرب على تركيا.

ففي تركيا يسمع وبشكل متزايد يوميا عبارة "حرب داخلية" الأمر الذي يدعو للتخوف، فالهجمات الإرهابية المتزايدة  والاستقطابات المستمرة تجعل مثل هذا الاحتمال – حرب داخلية – أمرًا ليس بالمستبعد! لكن دولة مثل تركيا تملك جيشًا قويًا فإن مخاطر نشوب حرب داخلية ضعيفة وضعيفة جدا، لكن وجود مثل هذا التهديد يخلق ضغوطات ليس على السياسيين والأهالي فحسب وإنما على الجيش. ولكن، ظهرت منذ أحداث "غيزي بارك" نوايا للتخلص من حكومة حزب العدالة والتنمية "وبأي شكل من الأشكال" مستعدة للدعوة إلى انقلاب. فما تمر به الدولة منذ عامين ونصف العام والظروف التي حاولوا حشر تركيا فيها تشبه مرحلة "نضوج الظروف" التي سبقت الانقلابات التي عايشناها سابقا.

فالنداء الموجه للجيش في كل حين معلوم، حتى أننا نمر بمرحلة لا تتوانى فيها أسماء على درجة من الأهمية في حزب العمال الكردستاني عن إسداء النصح وتوجيه النداءات للجيش ليقوم بانقلابه.

في ملخص مقال نشر الأسبوع الفائت ملخصه "الجيش سيقوم بانقلابه، سيتخلص من حزب العدالة والتنمية ويتحالف مع حزب الشعوب الديموقراطي" ثار كاتب السياسة الحرة "فيزي سرى سوز" على المتعاونيين السابقين مع المخابرات الأمريكية "سيبال إدموند" و"خلوصي آكار" لقولهم "سيسي تركيا سيسقط أردوغان" الجملة التي أمسينا نسمعها وبكثرة في الفترة الأخيرة. الجيش لن يقوم بانقلاب وأضف لذلك أن تركيا اليوم تختلف عن تركيا الماضي. ولكن لا انفجار أنقرة المخيف ولا التهديدات من سوريا ولا أولئك الذين يضغطون بقوة سلاحهم ولا هذه الدعوات إلى الانقلاب ولا السؤال الذي سألناه في الأعلى يجب أن يُقيّم بشكل منفصل.

فالغرب في النهاية سيرمي بالأسد إلى سلة المهملات بعد أن يكون الثمن أرواح مئات الآلاف من البشر، وبعد أن يأتي من يقدم وبشكل بطولي الديموقراطية لسوريا، لكن حدوث هذا مشروط بذهاب أردوغان أولا، فهم يحاولون أن ياخذوا الشعب التركي والسياسة التركية والجيش والشرطة وعالم الأعمال ولو غصبا رهينة للتأكد من حدوث هذا.

ففي هذا الإطار ومنذ زمن طويل تعمل جماعة غولن مثل "جلاديو" وتحاول أن تثير الفتن عبر النعرات الكردية – التركية والسنية – العلوية  والتهديد بحرب داخلية في تركيا.

لكن الهدف الذي اتخذوه هدا لهم ليس مجرد أول رئيس جمهورية منتخب بإرادة حرة وإنما هو في الوقت نفسه رمز لكل العالم الإسلامي، هو أمل. فالحملة الجارية ضد أردوغان لاستبعاد طرف يقدم شكلًا مختلفًا للإسلام غير الذي تقدمه قوتين إحداهما تمثله القوى المتطرفة أمثال القاعدة والآخر هم الإصلاحيون وتمثلهم جماعة غولن، وعند هذه النقطة بالتحديد تتعقد الأمور فهم بشخص أردوغان يستهدفون عشرات الملايين وهو ما يجعل أردوغان يرفض الاستسلام.

نحن وفي غفلتنا تحت هذه الضغوط وعند إحساسنا بالحزن والتعب، أو عدم المقدرة على الاستمرار يجب أن نتذكر هذا ويجب ان نكون أكثر دقة وأكثر يقظة.

عن الكاتب

مروة شبنم أوروتش

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس