أورهان مير أوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

تحدثت يوم أمس عن الأخطاء المنهجية التي ارتكبها مسعود برزاني، من خلال وقوفه متفرجا على الأحداث الحاصلة في سوريا، وكيف أنّ تصرفاته كانت تدعم بطريقة غير مباشرة حزب العمال الكردستاني (PKK) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وهو ما أوصل برزاني إلى عتبة فقدانه السيطرة على محافظتي السليمانية وكركوك.

لا أحد يتذكر الآن كوباني، لكن الرياح التي هبت من كوباني، أنهت عملية السلام، وتسببت بفقدان حزب العدالة والتنمية الحُكم الذي استمر طيلة 13 عاما، والآن خرج حزب العمال الكردستاني من تحت سيطرة أوجلان.

السؤال المطروح هنا، هل كان هناك خيارا آخر؟ هل كان باستطاعة تركيا وأوجلان ومسعود برزاني اتخاذ سياسات مختلفة تجاه الأحداث التي بدأت في سوريا مع هبوب رياح الربيع العربي؟

نعم، هذا الأمر كان ممكنا، وإذا كان هناك خطأ ارتكبته تركيا وبرزاني في سوريا، فهو الخطأ المتمثل ببقائهم متفرجين على اتفاق الأسد مع العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، حيث كانت قوة الأسد ضعيفة جدا قبل خروج داعش، وحتى الدعم الدولي الذي كان يحظى به الأسد لم يكن قويا كما هو الحال الذي أصبح بعد ظهور داعش، وحديث الأسد خلال مناقشاته مع أصدقائه التي يقول فيها بأنه مدين لحزب الاتحاد الديمقراطي ببقائه في الحُكم، هو حقيقة صحيحة، فلو أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي لم يسيطر على الأكراد، لتطورت الأحداث في سوريا بطريقة مغايرة تماما لما هي عليه الآن.

حسب الاتفاق الذي تم بين الأسد وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، فإنّه يتوجب على حزب العمال الكردستاني إرسال 2000 من عناصره إلى منطقة "كردستان سوريا"، على أنْ تقوم هذه العناصر بالوقوف في وجه الأكراد الذين يعارضون نظام الأسد، وهذا ما حدث بالضبط.

الأكراد الذين كانوا يعارضون نظام الأسد في شمال سوريا، هم الأكراد التابعين للحزب الكردستاني الديمقراطي ولمسعود برزاني، وهم غير مسلحين ولا محميين، وعندما توجهوا إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، لم يساندهم بشيء، وحينها نشروا وعمموا على الناس بأنّ التمثيل السياسي للأكراد ضعيف، وأنه لا يوجد قوة سياسية تمثل الأكراد سواهم، ولهذا اقتنع معظم الأكراد في "كردستان سوريا" بأنّه لا يوجد قوة تحكم هناك غير حزب الاتحاد الديمقراطي. لكن في الواقع كان هناك حزب "مشعل تمو" الذي استطاع قيادة الحراك الكردي وضمه إلى صفوف القوى المعارضة لنظام الأسد، ولم يكن الأمر تصادفيا، عندما بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي بتصفية التمثيل السياسي الكردي بدءا من مقتل "مشعل تمو".

نجحوا في نشر الأخبار عن أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي هو القوة السياسية الوحيدة هناك، وكانت طريقة إقناع العالم بهذه الأكاذيب طريقة مميزة، حتى وصل الأمر إلى اقتناع مسعود برزاني بالتعامل ودعم حزب الاتحاد الديمقراطي.

لو قام مسعود برزاني بتسليح العناصر الكردية المؤيدة له في "كردستان سوريا"، لمواجهة الـ 2000 عنصر من حزب العمال الكردستاني الذين دخلوا تلك المنطقة بعد الاتفاق مع الأسد، لو قام بذلك برزاني، لأفشل الاتفاق بين الأسد والاتحاد الديمقراطي قبل تنفيذه على أرض الواقع،  ولما استطاع حزب الاتحاد الديمقراطي بسط هيمنته على المنطقة.

في الجهة المقابلة، من الممكن أنْ تكون تركيا قد قرأت هذه المعطيات وفهمتها فور حدوثها، لكنها ربما لم تسع إلى "التدخل" في قضايا الأكراد الداخلية، لكن –وللأسف- فإنّ قضايا الأكراد الداخلية تؤثر على تركيا أيضا، لأنّ حزب العمال الكردستاني يستمر بحماية نفسه من خلال حصوله على دعم أكراد تركيا، لكنه هو نفسه، يفرض هيمنته وضغطه في حديقتنا الخلفية على أنه الممثل الوحيد للأكراد.

النقاشات والتنافس السياسي بين الأكراد، يؤثر على مستقبل السياسية في سوريا والعراق، كما يؤثر على مستقبل تركيا أيضا، ولا شكّ أنّ عملية السلام، ودور أوجلان، ونتائج انتخابات 1 تشرين الثاني/نوفمبر، وتحقيق الاستقرار والأمن، كل هذه الأمور مرتبطة بالتسوية مع الذين يتواجدون في حديقتنا الخلفية.

ولهذا يجب أنْ تكون عملية السلام في تركيا الجديدة، تنبع من اتباع سياسة تركية جديدة تجاه الأكراد، لتتجاوز حدودنا، وتصل إلى أكراد حديقتنا الخلفية. وإذا كان هؤلاء الأكراد يعيشون اليوم حالة من الانقسام بين الأكراد العلمانيين الرأسماليين والأكراد المتدينين الديمقراطيين، فإنّ عليهم أنْ يتوحدوا أكثر بينهم، ويتعاونوا، هنا، وفي حديقتنا الخلفية أيضا.

عن الكاتب

أورهان مير أوغلو

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس