كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

هناك موضوع هام اعترضت عليه من البداية، وهو الهروب من المحور الأساسي لقضية اللاجئين، لأنّ هذه المشكلة نتيجة "مشاركة الموارد" في هذا النظام العالمي الاستغلالي، ولذلك كان علينا مناقشة موضوع اللاجئين ليس من خلال البعد القانوني، والأمني، أو بأنها موجات من الهجرة، لأنها مشكلة أعمق، وأعقد، ومشكلة جيوسياسية.

لا يريد العالم إدراك حقيقة أنّ اللاجئين الهاربين قادمون من أفقر الدول وأكثرها مشاكل، فمن الطبيعي جدا أن يسعى الذين يعيشون مشاكل صحية وتعليمية وأمنية وسكنية إلى إيجاد ظروف ملائمة أكثر لتجاوز هذه المشاكل التي تعصف بهم.

المشكلة في تشارك الموارد، وليست بتشارك التكاليف

يسعى اللاجئون على حدود تركيا وإيطاليا وبلغاريا وسلوفينيا والدنمارك واليونان، إلى البقاء على قيد الحياة، بينما يناقش الأوروبيون المصطلح الأفضل لكي يطلقوه عليهم، لكن على تركيا أن تتعامل مع قضية اللاجئين بصورة أعمق من ذلك، فمثلا، دخل أغنى 3 دول في العالم، يفوق دخل أكثر من 100 دولة أخرى، فهذا الموضوع هو الأساس، وليس الأهم تشارك تكاليف مصاريف اللاجئين.

إذا فقدنا القدرة على نقاش أساس المشكلة، لن تستطيع إيجاد حلها، فلماذا لا نستطيع مناقشة سياسة أوروبا وروسيا وأمريكيا المنفعية والتي تضطهد من خلالها بقية شعوب العالم؟ لماذا يعتقد هؤلاء أنّ لهم الحق في التدخل في شؤون دول تبعد عنهم آلاف الكيلومترات في آسيا وأفريقيا وغيرها من الدول؟

هل أصبحنا نرى اليوم قصف الطائرات الفرنسية في ليبيا، وقصف الطائرات الأمريكية والبريطانية في العراق، واليوم، قصف الطائرات الروسية في سوريا، هل أصبحنا نرى هذا أمرا طبيعيا؟  هذا القصف قد مزق ليبيا والعراق وسوريا، ومن هناك انطلق تدفق ملايين اللاجئين من هذه الدول إلى أوروبا.

لماذا لا نستطيع مناقشة ذلك؟ أصبحنا اليوم نرى هذه الأمور طبيعية، لدرجة أننا لم نعد نستطيع رؤيتها على أنها أعمال تهدف إلى تحقيق مصالح تلك الدول الغازية، ألا تعلمون لماذا يذهب اللاجئون إلى أوروبا؟ لكي يستعيدوا حقوقهم، لكي يستعيدوا الخبز الذي سُرق منهم، يذهبون هناك ليستعيدوا حقوقهم المغتصبة، المستعمرة، والمسروقة.

الغرب أسس حضارته ومدنيته على حساب فقر إفريقيا والشرق الأوسط، سرقوا طعامنا وخيراتنا المباركة من أجل بناء حضارتهم، ولهذا يركض اللاجئون إلى البلدان التي سرقت منهم خيراتهم، كي يستعيدونها، لتأمين حياتهم، وحياة أطفالهم، ولهذا لن يبقوا في تركيا، لأننا لسنا نحن من سرق بلادهم وأوطانهم.

"سياسة الحاجز" مطلب لا أخلاقي

يريدون الآن أن يجعلوا تركيا "حاجزا" لهم أمام تدفق اللاجئين إليهم، ويقولون ليبقى اللاجئون في تركيا، وسنتابع أمورهم واحتياجاتهم هناك، وسنقوم بتحمل التكاليف والمصاريف المترتبة على ذلك، وهذا ما يطلق عليه "مطلب لا أخلاقي".

لا يمكن السكوت على أصل المشكلة، لا يمكن السكوت على الظلم العالمي، ألا تعلمون أنّ أكثر 5 دول تبيع السلاح في العالم، هي تلك الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن؟ يجب أن نعمل على الوقوف في وجه الظلم، ونزيله من جذوره، بدلا من تغطيته وستره بأمور أخرى.

ثورة على الظلم

لا يمكن حل مشكلة اللاجئين دون حل مشكلة توزيع موارد العالم، ولذلك علينا نقاش مشكلة اللاجئين من هذا البعد، فمشكلة اللاجئين ليست مشكلة سكن وأمن وتكاليف ومصاريف، وإنما هي مشكلة اغتصاب حقوقهم، وسرقة غذائهم ومواردهم، والتحكم بمستقبل أطفالهم، وما دامت الدول تمد يدها على دول تبعد عنها آلاف الكيلومترات من أجل سرقة خيراتها، فلن تحل مشكلة اللاجئين، ولذلك علينا أن نعمل جاهدين للثورة ضد هذا الظلم.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس