برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

قبل يوم من الانتخابات جميعنا ينتظر النتيجة المحتملة التي ستخرج بها صناديق الاقتراع. النتيجة إما حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة بمفرده، أو حكومة تحالف بين أكثر من حزب. لكن مهما كانت النتائج سواء فوز حزب العدالة أو خسارته في الانتخابات، سيكون الموضوع الأهم في الجدول السياسي بعد انتهاء فترة التصويت هو القضية السورية ومستقبلها.  

مع دعوة مصر وإيران للمؤتمر المُقام في مدينة فيينا بعنوان "مستقبل سوريا" اكتسبت القضية سمة دبلوماسية بشكل سريع، وفي الوقت نفسه الجبهة العسكرية ساخنة. وقد صرح وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر أن هناك احتمالية لزيادة الضربات ضد داعش في العراق وسوريا، ومن المحتمل أيضًا إرسال جنود أمريكيين ضمن حملة برية.      

وهناك مباحثات تجري في واشنطن لضم مجموعة صغيرة من القوات الكردية أو من المعارضة المعتدلة ضمن الحملة البرية. الهدف من هذه المباحثات إدارة المجموعات المقاتلة ضد داعش بشكل استراتيجي، وفي نفس الوقت يجب على أمريكا أن تتتبع مصير الأسلحة التي ترسلها لعناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردية، لأن تركيا لا تخفي قلقها من موضوع الدعم العسكري الأمريكي للحزب الكردي.

فبعد رحيل بشار الأسد سيكون لزامًا على تركيا أن تركز على مستقبل القضية السورية، وكيف ستتعامل مع داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي بعد ذلك. على الصعيد الآخر شنت تركيا هجمات شرسة وفعالة ضد حزب العمال الكردستاني في مدينة قنديل وفي جوار مدينة هكّاري، أما في وادي دوسكي فاضطرت القيادة العليا للتنظيم الإرهابي للتراجع والانسحاب إلى سوريا، وبهذه الطريقة سيحاول تجميع قواهُ من جديد في منطقة شمال سوريا.        

من المعروف أن قنديل هو الذي يُدير الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، فالتجمع الكردي في شمال سوريا والعلاقة بين سياسة حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي في تركيا، وبين سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا سيجعل سياسة البلدين متداخلة لأبعد الحدود.

بعد العلاقات التي جمعت إيران وروسيا والأسد بحزب الاتحاد الديمقراطي؛ أصبح من الصعب على أمريكا منع الحزب الكردي من دخول جرابلس والسيطرة عليها، وبالتالي ستقوم تركيا بإعلان حالة الطوارئ إذا تم تعدي الخط الأحمر وتقدم الحزب نحو الجهة الغربية من نهر الفرات، فقد أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ورئيس الجمهورية طيب أردوغان وأعطوا الضوء الأخضر لإحباط أي محاولة لعناصر حزب الاتحاد الديمقراطي إذا تقدموا للجهة الغربية من نهر الفرات.

تهافتت صيحات الاستنكار لهذه التصريحات من قبل رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، وقال "إن هذه المجموعات ليست بالإرهابية كما يراها أردوغان، وإنما هي قوى تعمل على الدفاع عن الوطن، وسيقطعون شرق وغرب الفرات تحت أنظارك يا داود أوغلو".

تركيا تمانع وتعارض عمل حزب الاتحاد الديمقراطي "ممر" شمال سوريا وستقف ضد هذا المقترح بأشد الطرق، فقد صرح أردوغان: "نحن لا نقبل أن يُعاد سيناريو شمال العراق مرة أخرى شمال سوريا، سنعمل ما في وسعنا لمنع هذا الأمر".  

هذه التصريحات المتبادلة من كلا الطرفين ستزداد حدتها بعد انتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، فالأكراد القوميين أظهروا اهتمامهم بشمال سوريا بعد أحداث كوباني (عين العرب) على العكس من شمال العراق.

لهذا السبب تشير التطورات لأيام ساخنة جدًا تنتظر مناطق جنوب شرق تركيا مع زيادة أهمية مستقبل شمال سوريا. الأهم من هذا العداوة المستمرة بين داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تقف أمريكا في صفه من خلال الدعم العسكري، وكيف سيكون تأثير هذا الأمر على العلاقات الأمريكية التركية. أيضًا كيف ستكون المواجهة التركية لتنظيم داعش، فبعد العمليات التي أجرتها تركيا في مدينة ديار بكر والحصول على وثائق تُظهر مدى جُهوزية داعش لتنفيذ أعمال إرهابية واسعة. فهذه التحضيرات تأتي بعد سماح تركيا للبشمركة بالعبور إلى مدينة كوباني أثناء محاولات داعش السيطرة على المدينة، فالحرب بين داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي أثرت على تركيا بشكل مباشر من خلال بعض مواقفها التي اتخذتها، فحصلت تفجيرات في ديار بكر وسوروج وأنقرة.

ليس فقط العرب من تستطيع تحريكهم داعش بل هناك أيضًا أكراد، فكما قال مراد يشيل طاش: "إنجازات حزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم أمريكيًا في حربه ضد داعش تنتج عنه مجموعتين متطرفتين في اتجاهين، سواء حزب العمال الكردستاني أو داعش كل منهما يستطيع تجنيد عناصر من نفس العقلية المتطرفة".

في النهاية سيؤثر هذا التطرف على السياسة الداخلية التركية، وسيجعل القوميين الأكراد أكثر عُنفًا. لهذه الأسباب مجتمعة يجب أن يفوز حزب وحيد بالانتخابات غدًا لتشكيل حكومة مستقرة يُشكلها حزب واحد.  

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس