فخر الدين ألتون - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

انتشرت الاشاعات منذ تسعينيات القرن الماضي بأنّ المجتمع التركي يصبح متشددا أكثر مع مرور الوقت، وعندما وصل حزب الرفاه إلى سدة الحُكم، ارتعب مروجو هذه الاشاعات، وانطلقوا في الحديث عن أنّ "تطبيق الشريعة" أصبح مسألة وقت، وبعدها أسقط العسكر حُكم حزب الرفاه.

مرت خمس سنوات على الانقلاب العسكري على حكومة حزب الرفاه، وبعدها استلم الحُكم حزب العدالة والتنمية، لتعود تلك الإشاعات مجددا إلى الواجهة، وحاولوا الوقوف في وجه العدالة والتنمية من خلال نشر الأكاذيب، ومحاولات الانقلاب، والتظاهرات، ودعاوى إغلاق الحزب، والاعمال الإرهابية، والتنظيم الموازي، وغيرها من الأمور التي واجهها حزب العدالة والتنمية خلال سنوات حُكمه.

لكن في الواقع القضية ليست متعلقة في زيادة تديّن الشعب، أو طلبه لتطبيق الشريعة الإسلامية، وإنما هي مجرد رد فعل على من سرق ونهب خيرات البلاد منذ عهد تأسيس الجمهورية حتى يوم وصول العدالة والتنمية إلى الحُكم، وما حدث خلال حُكم العدالة والتنمية، هو زيادة غنى المجتمع، على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي، لتعيش تركيا خلال هذه السنوات نهضة حضارية متعددة الأبعاد.

لم تكن الأمور تتجه نحو التديّن ولب تطبيق الشريعة، بقدر ما كانت تتعلق بمشاركة المتدينين في نظام الحُكم ومشاركتهم في رسم معالم حضارتهم الجديدة بالشكل الذي يتلاءم معهم، وخلال هذه التطورات لم يكن هناك استقصاء بين المحافظين والعلمانيين، وإنما كان الأمر عكس ذلك تماما، حيث التقوا في كثير من النقاط وتعاونوا في كثير من المشاريع.

وقد حاولنا نحن الكتاب لمعالجة هذا الخلل في فهم وإدراك بعض الناس لهذا الموضوع، وتحدثنا مرارا وتكرارا أنّ هذه الأمور ليست متعلقة بزيادة التشدد، وإنما هي مجرد مشاركة من المحافظين في نظام الحياة، ورسم معالم السياسة، لكننا على ما يبدو لم ننجح في إيصال رسالتنا ولا تغيير وعي هؤلاء الناس.

والآن انظروا إلى الذين يقولون بأنّ 8% من الشعب التركي يدعمون تنظيم داعش! عن أي دعم يتحدثون ومن أين يأتون بهذه الأرقام؟ حاولوا من قبل من خلال نشر الإشاعات والأكاذيب حول زيادة التشدد في المجتمع من أجل الحيلولة دون إخراج تركيا من تحت نظام الوصاية، واليوم ينشرون أكاذيب جديدة تتحدث عن أنّ 8% من الشعب التركي يدعمون داعش، وهدفهم من نشر هذه الإشاعات هو مواجهة حزب العدالة والتنمية ومحاولة إسقاطه.

وينشرون أيضا أكاذيب أخرى متعلقة بنفس الموضوع، حيث يتحدثون عن أنّ تركيا تحتل المرتبة الخامسة من بين دول العالم من حيث نسبة المؤيدين داخلها لتنظيم داعش، لكن ذكر معلومة واحدة، مثل أنّ هذه الدراسة أجريت على 10 دول فقط، يجعل من أكاذيبهم مفضوحة.

يحاولون بكل الوسائل للضغط على حزب العدالة والتنمية، فاليوم يتهمون الشعب التركي بالتشدد وانه يدعم داعش، وإذا كانوا يرون داعش مصدر خطر حقيقي، كان عليهم أنْ لا يعتبروا حزب العدالة والتنمية جزءا من المشكلة، وإنما جزء من معالجة هذا الخطر، لأنّ حل مشكلة تشدد الشباب واتجاههم نحو العنف يتمثل في السماح لهم بالمشاركة في المشهد السياسي، وهذا الأمر ينطبق على مصر وتونس وفلسطين وتونس، ودول أخرى أيضا.

وهذه الأكاذيب سيكشفها الله ويفضحها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس