أتيلا يايلا - صحيفة يني يوزييل - ترجمة وتحرير ترك برس

في الديمقراطية تُعد المعارضة مهمة بقدر أهمية الحزب الحاكم، ولا توجد أحزاب معارضة إلا في النظام السياسي الديمقراطي، ولهذا يقيس الكُتّاب الديمقراطية على قدر وجود المعارضة، ومن أجل ديمقراطية سليمة يجب أن تكون المعارضة أساسية واصيلة. والمعارضة في الديمقراطية لا تقتصر على الأحزاب، بل يمكن أن يكون الأفراد معارضين، كما يمكن لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي أن تعارض إجراءات وأفعال الحكومة، فالمعارضة حق للكل، حتى أن المعارضة أحيانا تكون واجبة، فمن خلال المعارضة يمكن اكتشاف ومعرفة الأفكار السياسية المضادة والمُقترحة.

لكن على المعارضة ان تتجنب خطأين قاتلين: الأول، هو الخلط بين معارضة أفعال الحزب الحاكم وبين مشروعيتها، فلا يجوز وضف أفعال الحزب الحاكم التي تدعي المعارضة أنها خاطئة بأنها غير مشروعة. أما الخطأ الثاني، فهو الخلط بين معارضة الحزب الحاكم ومعادة الدولة والوطن، فالحزب الحاكم حالة مؤقتة بينما الوطن باقي، فمعارضة الوطن باسم معارضة الحزب الحاكم يؤدي في النهاية إلى إلحاق الضرر بالوطن كله.

في حادثة إسقاط الطائرة الروسية رأينا تصرفات المعارضة الغريبة، فالعالم أعطى الحق لتركيا كما كانت التصريحات الرسمية للحكومة؛ لأن الطائرة الروسية لم تغير مسيرها رغم التحذيرات التي تلقتها من قوات الرصد، فمن ألمانيا وإنجلترا حتى أمريكا كانت وسائل الإعلام متفقة على هذه الحقيقة. في المقابل سعت أطراف داخلية إلى استخدام هذا الحدث لإلحاق الضرر بداود أوغلو وأردوغان، كما تمنى غيرهم الكثير ممن طُمس على قلبه أن يتأذى أردوغان وداعموه من هذا الحدث من غير أن تضر روسيا بتركيا!

كان الحال هذا نفسه في وسائل الإعلام، فقد تبنت وسائل إعلام الجماعات ودوغان وبعض الصحف المحلية والعالمية الموقف الروسي وتكلمت باسمه. ورغم أن تركيا على حق فإنها قد يلحقها ضرر، ولن يقتصر أثره على أردوغان وحده بل سيكون على تركيا كلها.

كان حال الحزب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي أيضا مثل سابقيه، فلا يزال زعيم الحزب الجمهوري على ضلاله يردد ما حفظه من التهم التي لا أساس لها، فيقول إن السلاح الذي أرسلته تركيا هو الذي سبب الحرب الأهلية في سوريا، وإن مصدر السلاح هو فقط تركيا، بالله عليكم من يصدق هذا؟ ويقوم حزب الشعوب الديمقراطي بنشر الأفعال والأقاويل التي تزيد القومية الكردية كل يوم. ومن بين كل أحزاب المعارضة نرى أن الحزب القومي هو الوحيد الذي لم يتبع تلك الخطوات السوداء والتزم بموقفه الوطني.

الغريب في كل ما سبق أن الصحفيين الذين يعملون لأجل المعارضة لا يعلمون أن هذه المسائل تمس الوطن، كما لا يعلمون أيضا أن تركيا على حق، فقد أصبحوا غرباء عن هذا الوطن وقطعوا كل صلاتهم به، أو أن كرههم الشديد لأردوغان جعلهم غرباء عن وطنهم.

والشيء الآخر الغريب هنا أن كل ما يفعلونه لا يأتي إلا على سبيل النقد، فهم لا يملكون بدائل سياسية يستطيعون تقديمها. فلو سألناهم: لو كنتم أنتم من عاش هذه اللحظات ماذا كنت ستصنعون؟ هل كنتم ستسكتون على الاختراقات الجوية المتكررة؟ أم كنتم ستسكتون عن ظلم وقتل التركمان في بايربوجاق؟ دعوكم من المعارضة من أجل المعارضة وابسطوا طريقكم إلى الحكم باقتراح حلول سياسية، وفي حال استمريتم على ما تفعلون فإن الشعب سيفهم فعلكم هذا كمعارضة لتركيا لا معارضة لأردوغان.

عن الكاتب

أتيلا يايلا

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس