فاطمة أوزكان - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

أدت الزيارة التي قام بها برزاني إلى أنقرة الأسبوع الماضي، إلى جعل العلاقات بين أنقرة وإقليم كردستان تكتسب أهمية استراتيجية، خصوصا وأننا على أعتاب الدخول للذكرى المئوية لاتفاقية سايكس بيكو، والتي نعيش خلالها مخططات تقسيم وخرائط جديدة، ولذلك فإنّ كل تحالف وكل اختلاف أيضا يحمل أهمية قصوى في هذه المرحلة الحساسة، ولذلك جاءت زيارة برزاني الأخيرة، لتتوج تعاون تركي كردي متراكم منذ عام 2007، ويعلن للصديق والعدو عن التحالف الاستراتيجي الرابع بين الأتراك والأكراد.

وقد اجتمع برزاني في أنقرة مع هاكان فيدان ومستشار الخارجية التركية، وتم استقبال برزاني من خلال بروتوكول رفيع المستوى من رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، واجتمع أيضا مع وزير الدفاع التركي، كما زار مقر قيادة القوات الخاصة التركية، وبعد ذلك اجتمع مع ساسة أكراد تركيا، ولم يكن من بينهم صلاح الدين دميرطاش.

تحدث برزاني بوضوح تام، حيث قال بأنّ "تركيا هامة جدا بالنسبة لمستقبل الأكراد"، وأكّد على أنّ "أردوغان وداود أوغلو يقفان إلى جانب حل القضية الكردية"، مضيفا بأنه "مستعد ليكون وسيطا في ذلك"، وما قاله لحزب الشعوب الديمقراطي كان واضحا أكثر، "أغلقوا الخنادق وأوقفوا النزاع بأسرع وقت".

خرج الطرفان راضيان من هذا الاجتماع، ووجود علم إقليم كردستان في الاستقبال البروتوكولي أسعد الأكراد، ولم يكن هذا السرور مقتصرًا على أربيل وأكراد العراق، وإنما أسعد أيضا كل الأكراد داخل تركيا، ولا شك أنّ أهم عنصر في هذه الزيارة، هو إجماع الأكراد على برزاني، سواء في الدولة أو في الحكومة، وحتى داخل الحراك السياسي الكردي، أكانوا داخل منظمة أم خارجها، هم يعتبرون برزاني بمثابة "الأخ الكبير" ويستمعون لكلامه ويتأثرون به.

تعاون برزاني الاستراتيجي مع تركيا، وتأثيره على أكراد تركيا، يثبت للأكراد بأنّ توجه حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي إلى جبهة تواجه تركيا هو خيار خاطئ، وأصبح الأكراد يدركون أنه لا حاضنة شعبية لحزب العمال الكردستاني، خصوصا وأنّ هذا الحزب وكذلك حزب الشعوب الديمقراطي وقفا بقوة لمنع الجماهير من التوجه إلى المهرجان الجماهيري الذي أقيم في ديار بكر بدعوة من رئيس الجمهورية أردوغان وتواجد فيه برزاني عام 2013.

ومن المؤكد أنّ الحراك والتعاون الذي يقوده برزاني يزعج حزب العمال الكردستاني، والذي يرى برزاني بأنه المنافس الأساسي له، والخطر الأكبر عليه، وهو يدرك بأنّ الأعمال التي قام بها لإجبار الأكراد على التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي، ستزيد من شعبية برزاني داخل الوسط الكردي.

ولا شك بأنّ الفرق الواضح في احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني يشكل مصدر إزعاج لحزب الشعوب الديمقراطي ولحزب العمال الكردستاني، حيث يعتمد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يترأسه برزاني مبدأ الأغلبية والتشارك السياسي، بينما يعتمد حزب العمال الكردستاني مبدأ الحزب الواحد والمتفرد، وعندما ظهر نجم حزب الشعوب الديمقراطي وبرز وحصل على 13% من أصوات عموم تركيا، شعر حزب العمال الكردستاني بالخطر، ولم يعترف بحق أي حزب آخر بتمثيل الأكراد، ومن يعترض على ذلك يهدده ويطرده أو يعدمه، بينما نجح الحزب الديمقراطي الكردستاني بإيجاد أجواء ديمقراطية تضم الجميع داخل إقليم كردستان في شمال العراق.

عن الكاتب

فاطمة أوزكان

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس