مصطفى كارت أوغلو -  صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

في الأسبوع المنصرم كتبت مقالة بعنوان "سوريا في جيب من وبيد من!"، ناقشت فيها بعض العلاقات بين الأحزاب والدول.

أصبح تنظيم غرفة عمليات مشتركة بين روسيا وكل من وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي في عفرين  أمرًا أكثر وضوحًا وبات حصوله أكثر رجحانًا كذلك.

لماذا عفرين؟

عفرين هي الكانتون الوحيد (ولاية) في منطقة غرب الفرات وقرب حدود هاتاي (أنطاكيا) التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي، وكما هو معروف فإنه يفصل بين عفرين ومنطقة كوباني الكانتون الأقرب في منطقة شرقي الفرات مناطق تحت سيطرة كل من داعش والمعارضة المعتدلة. وهدف حزب وحدات حماية الشعب السيطرة على هذه المنطقة الوسطية ليصل ما بين عفرين غربي الفرات وكوباني شرقي الفرات. وعندها سيفصلهم عن حدود البحر الأبيض المتوسط مسافة لا تزيد عن 20 كم.

عند هذه النقطة هناك عدة أسئلة مهمة:

1- هل ستستطيع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الدخول إلى المنطقة التي تقع تحت سيطرة داعش لوحدها؟

2- إذا لم تكن تستطيع ذلك فمِمّن ستطلب المساعدة وممن ستتلقى العون؟

3- بعد تلقيها الدعم، هل ستدخل في حرب مع المعارضة المعتدلة في المناطق المتداخلة بين مناطق عفرين أم أنها ستلغي فكرة الوحدة بين شرقي وغربي الفرات؟

4- كيف تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى "الاتحاد الجديد" بين قوات نظام الأسد في دمشق والقوات الروسية.

لنقم بالتحليل والإجابة الآن:

بداية لا يمكن لحزب الاتحاد الديمقراطي الدخول إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش فمن جهة هي لا تملك القوة الكافية لذلك ومن جهة أخرى هذه المناطق تسكنها عرقية عربية ولا يمكن لهم السيطرة عليها بسهولة.

إذا، هل ستتلقى المساعدة؟ نعم!

قوة داعش لم تكفِ لدخولهم إلى منطقة كوباني، ومساعدة الولايات المتحدة في العملية الجوية التي نفذها الائتلاف آن ذاك إضافة إلى أن قوات البشمركة التابعة للبرزاني التي دخلت من خلال الأراضي التركية بعد أخذ الأذون اللازمة إلى منطقة كوباني كانت عوامل نجاح حزب الاتحاد الديمقراطي في السيطرة على كوباني.

لكن مثل هذه المساعدات لم تحصل لمناطق غربي الفرات. تحذير تركيا بأن مناطق غربي الفرات خط أحمر من جهة وعدم رغبة الولايات المتحدة من جهة أخرى كان له تأثير على عدم حصول ذلك. أضف لذلك أن غالبية السكان هم من العرب والسنة، فمناطق غربي الفرات مكونة من العرب والتركمان المقربين من المعارضة المعتدلة، أما "الائتلاف" فقد ساند المذكرة التركية القاضية بترجيح حكم المعارضة المعتدلة لمناطق غربي الفرات. أضف لذلك أن "الائتلاف" لا يرغب بتكرار ما حدث من "مذابح تطهير عرقي"التي حصلت عندما أُعطي حزب الاتحاد الديمقراطي السلطة على مناطق ذات غالبية سكانية عربية.

لهذه الأسباب كلها فإن اتحاد روسيا مع حزب الاتحاد الديمقراطي بدرجة من الأهمية.

فحزب الاتحاد الديمقراطي وكما استطاع الدخول إلى كوباني وروجافا بمساعدة الضربات الجوية الأمريكية لقواعد داعش هناك، يسعى إلى تحقيق ذلك في منطقة غربي الفرات ولكن بمساعدة الطيران الروسي هذه المرة. وليس فقط مناطق ومراكز داعش، فمواجهة المعارضة المعتدلة من العرب والتركمان في مناطق عفرين وحولها أمر لا مناص منه، وكل من روسيا والنظام الأسدي يسعى لذلك وإلى التخلص وتطهير المنطقة من المعارضة ومن داعش في آن واحد.

أما المدنيون المتبقون هناك سيجبرهم حزب الاتحاد الديمقراطي على الرحيل إلى تركيا كما فعل في مناطق كوباني وروجوفا من قبل.

إذا نظرنا إلى الأمور من منظور حزب الاتحاد الكردستاني - حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب وحدات حماية الشعب، فإن ذلك يعني تكوين شريط على طول ألف كم تقريبا وعلى مرمى حجر من البحر المتوسط، ليكون هذا الشريط "دولة حزب العمال الكردستاني"، بالطبع إن نظام الأسد ومعه روسيا لن يقوموا بذلك دون مقابل؛ وبالتالي فإنهم سيمنحون الإذن لخط بري وخط أنابيب ليصل هذا الشريط الوليد مع البحر المتوسط. فالبترول الذي تبيعه داعش إلى العالم كاف لتكوين دولة.

زيارة زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش إلى روسيا يجب أن تُقيم في هذا المضمار كذلك. فهذه الزيارة سواء حدثت أم لم تحدث فإن "أزمة الطائرة" كانت ستتحقق.

إن نوعية الشراكة وسياسة الكنتنة (تقسيم المناطق إلى أقاليم منفصلة عن بعضها) التي سعى إليها حزب العمال الكردستاني مع كل من حزب الاتحاد الديمقراطي وحدات حماية الشعب في سوريا لا تختلف البتة عما يسعى إليه مع كل من حزب الشعوب الديمقراطي وحركة الشبيبة الثورية الوطنية (YDG-H) في تركيا. هذه السياسة القائمة على تسليط الضغط وزيادة القوى السلبية على المعارض لهم تتغذى على الفروق العرقية في المناطق.

أما الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا فهم في "شراكة تكتيكية" مع حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب، أضف لذلك مماشاة الولايات المتحدة الامريكية لحزب الاتحاد الديمقراطي ودعمه.

ولكن كيف باستطاعة حزب الاتحاد الديمقراطي مماشاة كل من روسيا والوايات المتحدة في آن معًا؟ خصوصا بعد أن فرضت الدول الغربية على روسيا مقاطعة صارمة إثر مشاكل القرم/ أوكرانيا. وبعد أن قامت روسيا بذر الرماد في عيون أوروبا والغرب وخصوصا أعضاء حلف الناتو من خلال الطائرات الحربية التي أرسلتها إلى سوريا والتي لم تتوانى عن خرق الحدود الجوية لدول الحلف.

حزب العمال الكردستاني وبعد كل هذا إمّا أن يعيش خيبة أمل كبيرة، أو أننا سنشهد ملامح أكبر حرب بين روسيا والغرب.

عن الكاتب

مصطفى كارت أوغلو

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس