ترك برس

الوالي والصدر الأعظم العثماني أحمد باشا الجزار أو أحمد البوشناقي، حكم ساحل فلسطين والشام أكثر من ثلاثين عاما. واشتهر باشا بدفاعه عن قلعة عكا الفلسطينية.

ولد أحمد الجزار في البوسنة لأسرة مسيحية عام 1734. وبسبب مشاكل عائلية أو الخوف من القتل هرب إلى إسطنبول في بداية شبابه، واعتنق الإسلام بإرادته. ثم انتقل إلى القاهرة مع قافلة عائدة من الحج وعاش فقيرا ورقيقا، وقد عرض نفسه للبيع في السوق واشتراه يهودي وبعد ثلاثة شهور باعه، وقام كاشف البحيرة عبد الله بك بشرائه لينضم أحمد الجزار لخدمته في القاهرة ويتزوج من امرأة مصرية حبشية الأصل.

لقبه "الجزار"

بعد قتل عبد الله بك من قبل بدوي، قام أحمد الجزار بقتل أكثر من 70 بدويا حيث أنه لم يخلف وراءه أحدًا سوى الأطفال والنساء وكبار السن ولذلك نال لقب "الجزار". ويذكر مؤرخون أن البدو انتقموا منه بقتل زوجته وابنته لكنهم لم يتمكنوا من قتل ابنه "داوود" الذي هرب من أيديهم.

عمل أحمد باشا عند علي بك بلاط الذي حكم عَلى مصر في الفترة 1768-1773، وكانت أولى خدماته لسيده أن قدم له رؤوس أربعة أشخاص يكرههم من شيوخ البدو، فاستخدمه للتخلص من معارضيه ومنافسيه ومنحه لقب "بك". على أثر انقلاب محمد بك أبو الذهب العسكري على علي بك البلاط، هرب أحمد باشا حين وجد أن من الصعب مقاومة انقلاب أبو الذهب إلى جبل لبنان حيث كان يسيطر عليه الأمير يوسف الشهابي.

وكلفه الأمير يوسف بحفظ بيروت، وقام أحمد الجزار ببناء سور قوي حول المدينة من الحجارة الأثرية التي خلفها زلزال 511 م.  ثم انقلب على صديقه الأمير يوسف، بمساعدة ظاهر العمر الزبداني وهو أحد حكام فلسطين حاكم منطقة الجبلية بفلسطين والأسطول الروسي.

وفي عام 1775 أعطى السلطان العثماني أحمد الجزار  لقب "باشا"، وبعد حصوله على الباشاوية أصبح أحمد الجزار من أقوى الرجال في بلاد الشام، وهو باشا، وأمير الحج، وسيد صيدا وطرابلس وعكا.

حصار مدينة عكا

قام الإمبراطور الفرنسي نابليون الأول باحتلال جزيرة مالطا، وفي عام 1798 وصل إلى الإسكندرية واحتلها. ثم توجه نحو القاهرة وانتصر على المماليك في معركة الرحمانية ومعركة إمبابة. وفي بداية شهر شباط/ فبراير من عام 1799، توجه نابليون من القاهرة إلى غزة واحتلها، ثم تقدم إلى فلسطين واحتل يافا في 13 من شهر آذار/ مارس وقام بمذبحة رهيبة فيها حيث قتل ما يقارب عشرة آلاف شخص.

ثم وصل نابليون إلى مدينة عكا وحاصرها في 18 آذار من عام 1799، ولكي يستطيع الوصول إلى الشام كان لا بد من احتلال هذه المدينة، حيث كانت مدينة عكا تملك موقعا استراتجيا مهما.

سمع نابليون أن أحمد باشا كان رجلًا شجاعًا وقويًا، ولذا قبل بداية المعركة أرسله له رسالة قال فيها: "إنني الآن أمام قلاع عكا، ولن يكسبني قتل شخص هرم مثلك شيئا. لذا فأنا لا أرغب في الدخول معكم في معركة. كن صديقا وسلم هذه المدينة دون إراقة الدماء".

لم يتأخر جواب أحمد باشا، كما أنه لم يكن الجواب الذي ينتظره نابليون. قال القائد أحمد باشا في رسالته الجوابية: "لم تقم الدولة العثمانية بتعييني وزيرا وقائدا لكي أسلم هذه المدينة إليكم. إنني أحمد باشا الجزار لن أسلم لكم شربا من هذه المدينة حتى أبلغ مرتبة الشهادة".

ونجح العثمانيون في الدفاع عن عكا وهزيمة الجيش الفرنسي فيها، وفي 21 مايو/ أيار من عام 1799 قرر نابليون الانسحاب عن المدينة بقوله: "لو لم يقف أمامي العثمانيون في مدينة عكا كنت سأتمكن من السيطرة على الشرق الأوسط تماما".

وشغل أحمد باشا الجزار حتى وفاته عام 1804 منصب "بيلربكي" في مدينة عكا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!