كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

بالتزامن مع اشتداد حدة المناقشات حول تنظيم الدولة الإسلامية في أروقة العاصمة التركية أنقرة، اتجهت القيادات الكردية إلى إقليم كردستان و"روجوفا" لمناقشة تأسيس الوحدة القومية والدفاع المشترك بين الأطياف الكردية.

ولّدت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الموصل إلى جانب زحفه باتجاه أربيل ونزوح المئات من اليزيديين والأكراد، شعوراً بالوحدة بين جميع الطوائف الكردية من جديد. ففي هذا الصدد التقى رئيس حزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرطاش ومعه أحمد ترك مع قادة الحكومة الكردية في أربيل ودهوك. كما قاموا بزيارة الشخصية الأبرز بين قيادات الأكراد في العراق مسعود برزاني.

دميرطاش وترك، وخلال محادثاتهما مع المسؤولين الأكراد شددوا على أهمية بناء جيش للدفاع المشترك بين جميع الطوائف الكردية. ومع تقبل الأطراف الكردية لهذه الفكرة مبدئيا،إلا أنه يبدو من الصعب على مسعود برزاني أن يتحد مع تنظيم "بي كي كي" بسبب الخلافات المعروفة منذ فترة طويلة بينه وبين قيادات هذا التنظيم.

من المعروف أن تنظيم "بي كي كي" يحارب الآن إلى جانب عناصر "يه بي كي" ضد تنظيم داعش في عدة جبهات. يحاول تنظيم "بي كي كي" السيطرة على مناطق جديدة بحجة الدفاع عن الأكراد ضد خطر تنظيم الدولة الإسلامية. وهذا الأمر يقلق مسعود برزاني الذي يبدي تخوفا من عدم خروج تنظيم "بي كي كي" من المناطق التي سيطر عليها بعد استقرار الأوضاع. وهذا هو السبب الجوهري في الخلافات بين الطرفين في المحادثات الكردية.

والكل يعرف أن الأوصال تقطعت بين القيادة الكردية في العراق وقيادات تنظيم "بي كي كي" بسبب أزمة "روجوفا" حيث كان البرزاني قد اتخذ قرارا بإغلاق المعبر الحدودي مع روجوفا بعد تصفية عناصره من قبل عناصر تنظيم "بي يه دي".

أجبرت هجمات تنظيم الدولة الإسلامية على المناطق الكردية الأكراد على التقارب بين بعضهم البعض من جديد. لكن تصريحات بعض قيادات المجموعات المسلحة في "كانديل" ضد البشمركة، واستخفافهم بقدراتها و تصريحات الإعلاميين الموالين لتنظيم "بي كي كي"، أدت إلى تدهور العلاقات بين الأطراف الكردية من جديد.

ولا يخفى على أحد أن التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، أجبرت الأكراد على التفكير بالتوحد من جديد رغم عمق الخلافات بين بعضهم البعض. فإن الحاجة إلى التوحد بين عناصر "بي يه دي" الموجودة في روجوفا و القيادة الكردية الموجودة في إقليم كردستان تزداد يوما بعد يوم. حيث أن ضرورة التوحد ظهرت جلية حين فشلوا في الدفاع عن اليزيديين الموجودين في منطقة مهمور وشنغال عندما هاجمت الدولة الإسلامية تلك المناطق.

لربما يتساءل البعض كيف فشلت القوات الكردية في ردع خطر تنظيم الدولة الإسلامية على منطقتي مهمور وشنغال، رغم تكاتف معظم القوى الكردية هناك. لقد بدء الطرفان يتبادلان الاتهامات بالتخاذل. لكن المشكلة نتجت عن تنظيم "بي كي كي" وتنظيم "بي يه دي" اللذان لم يفكرا إلا بمصلحة تنظيميهما. فغدروا بالبرزاني ولم يساندوه بشكل جدي. فإذا ما استمر الوضع على هذا المنوال، فإن فكرة بناء الجيش المشترك بين الأكراد لا تتعدى حدود الخيال.

التنظيم الوحيد من بين الطوائف الكردية الذي استطاع أن يحصل على اعتراف دولي من قبل المجتمع الدولي هو القيادة السياسية الموجودة في إقليم كردستان العراقية. فقد بدأت كل من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بتقديم الدعم العسكري والمادي والتعليمي لقادة إقليم كردستان العراق.

لم يكن مسعود البرزاني يوما محكوم من قبل تنظيم "بي كي كي". إلا أن تنظيم "بي كي كي" و"بي يه دي" يتبعان شتى أنواع السياسات التي تهدف إلى إضعاف قوة البرزاني. فإذا ما تخلى هذين التنظيمين عن هذه الاستراتيجيات، فإن تشكيل جيش مشترك يضم كافة الطوائف الكردية لن يتحقق أبدا.

استطاع مسعود البرزاني بعيد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 أن يشكل إدارة مستقلة للأكراد في العراق. والان سيزيد من مكاسبه بعد الضربة الأمريكية المحتملة على العراق بحجة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

البرزاني الذي لم يسمح له ببناء جيش نظامي حتى هذا اليوم، بدء بإنشاء جيش حديث وبدعم من الدول الغربية. وإضافة الى ذلك فإن القيود المفروضة على إدارة البرزاني من قبل الحكومة العراقية بدأت تزول فيما يخص موضوع تصدير النفط.

لا شك أن توحد الأكراد وتقاربهم شيء مهم بالنسبة لهم. لكن من أجل تحقيق هذا التقارب لا بد لتنظيم "بي كي كي" وتنظيم "بي يه دي" أن يقدما بعض التنازلات وأن يغيرا من سياساتهما العدائية ضد مسعود البرزاني. فلا يصح أن تتبع هذه التنظيمات سياسات أيديولوجية قديمة ضد البرزاني في ظل كل هذه التقلبات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. حيث أن هذه السياسات الأيديولوجية تقف عائقا أمام بناء جيش مشترك للأكراد.

فلا ينبغي على الأكراد أن يستخفوا بشخص البرزاني الذي خاطبة عبد الله أوجالان حينما قال عنه "زعيم كردستان". فإذا ما أراد الأكراد بناء هذا الجيش الموحد، يجب عليهم أولا تغيير لهجتهم هذه.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي