جلال سلمي - خاص ترك برس

التقى الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الثلاثاء، 9 شباط/ فبراير 2016، الرئيس التركي الأسبق "عبد الله غل"، في قصر الرئاسة بأنقرة.

يأتي هذا اللقاء بين الطرفين، على خلفية المشادة الكلامية التي وصفها البعض بالحادة، والتي طرأت بين رئيس مجلس الشعب التركي والناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق "بولنت أرينج" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، حيث ادعى أرينج أن أردوغان كان على علم تام بالمحادثات التي جرت في قصر "دولما باهجي" في فبراير من العام المنصرم، والتي صدر عنها توقيع اتفاقية تفاهم بين حزب الشعوب الديمقراطي والحكومة التركية لتوحيد الجهود لإتمام عملية السلام الداخلي وإيصالها إلى بر الأمان، الأمر الذي نفاه أردوغان نفيًا قطعيًا، وهاجم من خلاله أرينج مشيرًا إلى أن الشخص الذي يدعي ذلك، دون أن يذكر اسم أرينج، يحاول أن يؤجج الخلافات والفتنة داخل صفوف حزب العدالة والتنمية.

ونتج عن هذا السجال تشكل جبهة ضيقة النطاق مؤيدة لتصريحات أرينج داخل الحزب، وكان أبرز قيادات هذه الجبهة وزير الشباب والرياضة الأسبق "سعاد كيليج" ونائب زعيم حزب العدالة والتنمية والناطق الرسمي باسمه الأسبق "حسين جيليك".

وفي ظل ازدياد حدة المشاحنة الكلامية بين الأطراف المذكورة، سعى الرئيس الأسبق "عبد الله غل" للتدخل سريعًا لاحتواء الخلاف الجاري، ومنعه من التأثير على المصالح العامة للبلاد، لا سيما في ظل الأوقات العصيبة التي تمر بها تركيا على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وعلى الرغم من عدم إدلاء أي من الأطراف بتصريحات صحفية، إلا أن بعضًا من الصحفيين المقربين لحزب العدالة والتنمية تمكنوا من تقصي بعض التفاصيل ونقلوها إلى الصحف التركية، وكان الصحفي "بولنت أيدامير" أحد الصحفيين الذين تمكنوا من التوصل إلى بعض التفاصيل المتعلقة باللقاء.

وفي هذا الإطار أوضح أيدامير، في تقريره الصحفي المتعلق باللقاء، والذي نشر في صحيفة "خبر ترك"، بتاريخ 10 فبراير 2016، أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" التقى الرئيس التركي الأسبق "عبد الله غل" في المجمع الرئاسي بأنقرة، مساء الثلاثاء، مشيرًا إلى أن الاجتماع الذي عُقد بين الطرفين كان مغلقًا وضيق النطاق إلى حد ما.

وألمح أيدامير إلى أن الطرفين تناولا قضية الخلافات التي تظهر للسطح بين الفينة والأخرى بين قيادات الحزب، وأكدا اتفاقهما على أن هذه الخلافات ناتجة عن محاولة البعض افتعال الفتن لتحقيق مآرب شخصية، مبينا ً أن الطرفين تشاورا في عدد من القضايا الداخلية والخارجية أهمها؛ مكافحة الإرهاب، العلاقات التركية الروسية، القضية السورية، قضية اللاجئين، الوضع الاقتصادي لتركيا.

واستنادًا إلى مصادر مقربة من الرئيس التركي الأسبق "عبد الله غل"، أكد أيدامير أن الطرفين تناقشا الانتقادات الموجهة من أرينج وكيليج وجيليك إلى حزب العدالة والتنمية وآلية عمله، وأكدا على أن هؤلاء من الرعيل الأول للحزب ويجب أخذ أقوالهم بعين الاعتبار، ولكن يجب عليهم هم أيضًا عدم اتباع الأسلوب الذي عكس صورة خاطئة للإعلام، إذ أظهر أن هناك خلاف حاد داخل حزب العدالة والتنمية الذي يمر بحالة صعبة تحتاج إلى التعاون وتوحيد الجهود، في ظل التحديات الداخلية والخارجية.

وبهذا الصدد، أشار الصحفي "أموت توتونجو"، في تقريره الخاص باللقاء، والذي نُشر في نفس الصحيفة، بتاريخ 10 فبراير 2016، إلى أن الرئيس الأسبق غل أكد للرئيس الحالي أردوغان أن أرينج وأصدقاءه لا يسعون لتحقيق مصالح شخصية كما ادعت بعض وسائل الإعلام "المضادة" و"المتملقة" في آن واحد، بل الكل يعلم مدى إخلاصهم لدعوتهم ووطنهم وحزبهم، موضحًا أن أرينج وأصدقائه عملوا لخدمة الحزب وتركيا لسنوات طويلة، ويجب عدم توجيه لهم اتهامات تحقيق مآرب شخصية، وفي حال نتجت مثل هذه الخلافات يجب حلها داخليًا بعيدًا عن التراشق الإعلامي الذي يعكس الصورة السلبية للوحدة الداخلية لحزب العدالة والتنمية والحكومة التركية.

وأضاف توتونجو أن الجهات المقربة من الحزب والحكومة رأت أن غل سعى من خلال القيام بهذا الدور، إلى التحلي بشخصية الرجل "العاقل الحكيم" الذي حاول أن يلم شمل إخوة المسيرة، ولفت إلى أن موقف غل هذا يعد موقفا ثمينا في الفترة الحالية التي يجب على تركيا فيها توجيه انتباهها وطاقتها نحو التحديات التي تواجهها وليس نحو التشاحن الكلامي والإعلامي بين قادتها، كما أكد غل لأردوغان.

ووفقًا لتصريحات الأطراف المُقربة من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" لتوتونجو، فقد أكد غُل لأردوغان أنه ليس بصدد تأسيس حزب سياسي جديد منافس لحزب العدالة والتنمية بالتعاون مع أرينج وجيليك، كما تدعي وسائل الإعلام "المتملقة" لحزب العدالة والتنمية.

وحسب التصريحات المذكورة، فإن الرئيس غل بين لأردوغان أن وسائل الإعلام المقربة لحزب العدالة والتنمية، والتي تلعب دور "التملق" تشكل خطرًا على حزب العدالة والتنمية ووحدة مسيرته أكثر من وسائل الإعلام المضادة، لذا يجب تشديد الرقابة على هذه الوسائل، مؤكدا ً على انعدام أي عنصر يمكن أن يؤثر على وحدة قيادة حزب العدالة والتنمية، وعلى استعداده تام للوقوف إلى جانب الحكومة في حال وجود حاجة لذلك.

ويجدر بالذكر أن الرئيس التركي الأسبق "عبد الله غل" التقى بأرينج، عقب لقائه بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، لإطلاعه على مجريات اللقاء الذي تم بينه وبين أردوغان، ودعوته إلى الابتعاد عن التصريحات الإعلامية التي تثير الخلاف داخل حزب العدالة والتنمية، لنبذ الفتنة والعمل على خدمة المصالح العامة لتركيا.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس