فخر الدين التون – صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

وجهت القوات التركية ضرباتها الجوية التي استهدفت تجمعات لوحدات حماية الشعب الكردي في مطار منّغ العسكري يوم السبت الماضي بعد استيلاء الأخير عليه مؤخرا، وتأتي هذه الضربات كرد طبيعي على اختراق وحدات حماية الشعب لقوانين السيادة بعدما قامت بفتح نيرانها على قاعدة مرناس أكتشابا، وأظهرت هذه التطورات الأبعاد الممكنة لزج تركيا في الأزمة السورية.

يزيد عمق المستنقع السوري يوما بعد يوم، ومع التصاعد المستمر لوتيرة الأحداث تزداد التعقيدات، كان آخرها ما ترتب على اقتحام الدب الروسي للساحة السورية، حيث أعاد هذا التدخل الحياة للنظام السوري الذي لم يعرف إلا القتل والتقتيل منذ اندلاع الثورة، كما وعزز هذا التدخل قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، مما زاد من فرص هذا التنظيم الإرهابي في مجابهة تركيا. في المقابل لم تتحرك أمريكا والدول الغربية بأي خطوات جادة ومؤثرة ردا على هذا التدخل الروسي، واكتفت أمريكا تلوح بحرب داعش، بينما كان الأجدر بها دعم المعارضة بالسلاح وهو ما لم تفعله، بل قدمت حلولها الدبلوماسية التي لا ترى أي ضرورة في دعم هذه المعارضة!

تواجه تركيا المد الإرهابي بالعمليات العسكرية المنظمة في أراضيها بعدما اخترق الحدود باسم حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد استفاد الحزب من الفراغات السياسة والجغرافية التي أتاحتها الفوضى في الأزمة السورية، فاستفاد من رياح المد الروسي التي تعصف في المنطقة مستغلة جنديها النجيب بشار الأسد، كما واستفادت من مشاركتها في حملة الحرب على داعش، حيث قدمت الولايات المتحدة الأمريكية السلاح والدعم المحلي والدولي للحزب، ورغم كل التنبيهات والتحذيرات التركية الرافضة لهذا الدعم الذي يزيد من فرص التهديدات الإرهابية التي تواجهها إلا أن الموقف الامريكي لم يتزحزح ووجه رسالته لتركيا فقال إن "على تركيا إيقاف إطلاق النار فورا"، أما رسالته المقابلة لوحدات حماية الشعب الكردي فكانت "على وحدات حماية الشعب التوقف عن سعيها خلف التوسع في المنطقة".

لم يكن التقييم التركي مبني على استغلال الفرص المتاحة كما كان عند الأسد وإيران وروسيا وحزب الاتحاد الديمقراطي وأمريكا، بل كان تقييمها وما زال إنسانيا لا يفرق بين التركمان والعرب والاكراد كما لا يفرق بين السنة والشيعة، حيث ترى أن ممثل الشعب السوري في المحافل الدولية يجب أن يكون سوريا من أصحاب الأرض والمظلمة. وتتلخص الرؤية الامريكية الآن في الأزمة السورية في: 1- إنهاء تواجد تنظيم داعش في مناطقه مع الحدود التركية 2- محاولة القضاء على معاقله في الرقة 3- إنقاذ الموصل والسؤال هنا: ما الذي سيحصل؟ هل هذا سيحل مشكلة الإرهاب؟ وهل ستنتهي معاناة السوريين بعد تنفيذ تلك الرؤية؟ بالطبع لا، ولهذا فان تركيا ما تزال تصر على المنطقة الآمنة وحظر الطيران الذي سيخفف من معانة السوريين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس