طه داغلى - صحيفة خبر 7 - ترجمة وتحرير ترك برس

من كانوا ينتقدون أردوغان على سلوكه تجاه القضية السورية، عليهم أنْ يتذكروا ما كتبه قبل خمسة أعوام، حينما كان يقودون حملة لتغيير الوعي عن أنّ "تركيا استعجلت في تصرفها في سوريا، وقطعت العلاقات مع الأسد بسرعة"، لكن عندما وقف أردوغان في وجه مجازر النظام السوري مع بداية الأحداث في 2011، بماذا كانوا يتهمونه؟ هل تتذكرون؟ سأذكركم بذلك.

في 25 نيسان/ أبريل 2011، قرأنا مقالة للكاتب سادات ارغن، الذي كان كاتبا في صحيفة "حرييت"، وهو الآن مدير تحريرها، حيث كان ينتقد في مقالته أردوغان، الذي كان يطالب النظام السوري بجملة من الإصلاحات، وهنا سأقتبس ما كتب سادات، حيق قال "إننا لا نرى رئيس الوزراء أردوغان يتخذ نفس الوضع الحاسم تجاه الأسد، كما كان موقفه ضد حسني مبارك، برغم أنّ الأسد أكثر دموية، وهذا مؤشر على وجود صمت على مستوى رئاسة الوزراء تجاه المجازر الدموية".

لم يكتف بذلك، بل أضاف بأنّ "أنقرة تتصرف بهدوء تجاه ما يقوم به الأسد من إطلاق نار على المتظاهرين، وعلى جنائز المدنيين"، وهذا يدل على أنّ أنقرة لم تكن تتصرف بصورة مستعجلة، وإنما كانت تقدم مطالبات للنظام السوري، بأنْ يوقف المجازر، ويجري إصلاحات في البلاد والنظام الحاكم.

لكن سادات كان يرى بأنّ تلك المطالب لم تكن كافية، ويريد أنْ تتخذ تركيا شكلا أكثر صرامة ضد الأسد، حيث كتب أيضا أنّ "ما تحدث عنه وزير الخارجية التركي عن التحرك بتأني، والطلب بعدم استخدام القوة المفرطة، والتحدث عن الإصلاحات، يعني بأننا سنكون أمام مشهد أكثر دموية في سوريا، وهذا الكلام لن يكن كافيا لردع الأسد".

في نيسان/ أبريل عام 2011، كانت الدماء تسيل بتزايد، وفي ذلك الوقت كتبت صحيفة "حرييت" من جديد في 28 نيسان/ أبريل 2011، تحت عنوان "أنقرة تستمر مع الأسد"، "وبرغم المجازر التي يقوم بها النظام السوري إلا أنّ تركيا غير قادرة على المطالبة برحيله".

ومثل هذه الكتابات لم تقتصر على صحيفة حرييت، بل هناك العديد من الصحف الأخرى كتبت في مثل هذا الموضوع، خلال أول 6 أشهر من بدء الأحداث السورية، بإمكانكم مراجعة الأرشيف، فعلى سبيل المثال، رأينا مقالة للكاتب قدري غورسال في صحيفة "ملييت"، يتحدث بغضب ضد الحكومة التركية، وخصوصا ضد اردوغان، وينتقد تركيا بأنها غير قادرة على المطالبة برحيل الأسد، كما انتقد "صمت حكومة العدالة والتنمية تجاه ما يجري من سفك للدماء في الجارة سوريا".

وهذا يعني أنّ من ينتقد الدولة التركية اليوم بأنها تصرفت "باستعجال" تجاه الملف السوري، كانوا خلال أول 6 أشهر من الأحداث ينتقدون تركيا "لأنها لم تقم بأي شيء".

ولذلك نستطيع الآن أنْ نرصد الحقائق، تركيا لم تتصرف بعجلة في الموضوع السوري منذ 2011، بل إنها حذرت النظام السوري عشرات المرات من أجل التوقف عن المجازر الدموية، حتى تاريخ 8 آب/ أغسطس، في هذا التاريخ اجتمع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو مع الأسد كآخر زيارة لمسؤول تركي، ولم يستطع تحقيق نتائج، وبعد ذلك سلّم الأسد شمال سوريا لحزب العمال الكردستاني ولحزب الاتحاد الديمقراطي.

وهذا يقود إلى أنّ تركيا لم تستعجل، ولم تتأخر في تصرفها مع الأسد، بل إنها تصرفت في الوقت المناسب، ولذلك على الذين تحدثوا في الماضي أنْ لا ينكروا كتاباتهم التي دونتها الصحف، وعليهم أنْ يتذكروا بأنّ أول من قال بأنّ "الأسد سيرحل" هو الرئيس الأمريكي أوباما، وأول من فرض العقوبات على نظام الأسد أمريكا والاتحاد الأوروبي، وهم أول من سحب السفراء من دمشق وقطعوا العلاقات الدبلوماسية معها.

عن الكاتب

طه داغلى

كاتب في صحيفة خبر 7


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس