حسين غولارجا – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

جماعة غولن التي كنا نحسبها على النقيض من الأحزاب السياسية الكردية مثل حزب العمال الكردستاني واتحاد المجتمعات الكردية وحزب الشعوب الديمقراطي، نراها اليوم في ذات البوتقة مع هذه الأحزاب تقدم الدليل تلو الآخر على تحركهما معا وعلى تشابههما.

أولا: كلا الطرفين يظهر العداء لرئيس الجمهورية رجب طبب أردوغان ولحكومة حزب العدالة والتنمية، ولعل محاولة تصوير القوات التابعة لجهاز الاستخبارات التركي وكأنها "تقدم السلاح والذخيرة للمتطرفين الإسلاميين"  فيما يعرف بأحداث " MİT TIR’ları " (شاحنات الاستخبارات) مثال واضح على محاولة الطرفين تقديم الحجج للانتقاص من قيمة الحكومة. فالإعلام التابع لجماعة غولن وحزب الشعوب الديمقراطي من جهة والدولة الموازية بما تملكه من عناصر في الشرطة والعسكر والمحاكم وغيرها من الأماكن الحساسة من جهة ثانية استخدمت هذه الادعاءات والاتهامات وسخّرتها في سبيل تقويض السلطة. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهذه الأطراف قدمت هذه الاتهامات كمادة دسمة للحملة التي هدفت لتشويه وتلويث سمعة حزب العدالة والتنمية فيما سبق انتخابات السابع من حزيران/ يونيو 2015م.

ثانيا: كلا الطرفين - الأحزاب الكردية وجماعة غولن -  يأمل في تلقى الدعم الخارجي ويسعى له، فغولن يسعى للتعاون مع أعضاء مجلس النواب ومع أعضاء الكونغرس ويعمل من خلال مدرسين ومدراء المدارس التركية التابعة له ومن خلال المجالس الثقافية التركية المرتبطة بالجماعة يعمل على جمع التواقيع على مذكرات ضد تركيا. وقام بأعمال مشابهة في دول الاتحاد الأوروبي وفي مدينة بروكسل بالخصوص. وفي ذات السياق يعمل من خلال مجموعة من المحررين الإخباريين الذين تنازلوا عن شرف المهنة لتشويه صورة تركيا وتقويض بنيان السلطة وإذكاء العداء لأردوغان من خلال موجات دعائية مشوهة قاموا بنشرها في الإعلام الغربي. الشيء ذاته أقدم عليه رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش من خلال ممثلية الحزب في واشنطن وأوروبا وروسيا. فدول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها المانيا التي تمثل مرتعًا آمنًا لعناصر ونشاطات حزب العمال الكردستاني تقدم الحماية اللازمة لحزب الشعوب الديمقراطي كما تقدمها لجماعة غولن.

ثالثا: كلا الطرفين يتلقى الدعم والتشجيع من الخارج، فالحركتين ليستا مستقلتين وليستا محليتين كذلك، فادعاءات جماعة غولن سعيها لمصلحة الوطن والأمة واستقلاليتها عن الخارج فندتها تحركات غولن وتواصله مع الاستخبارات الامريكية ورؤساء الكنائس والجماعات الدينية هناك للحصول على الكرت الأخضر (الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة)، وأصبح واضحًا للجميع أن الغرب وروسيا يقدمان الدعم اللازم في الخفاء والعلن لكلا الحركتين. فالولايات المتحدة تقدم الدعم العسكري لذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا والمعروف بحزب الاتحاد الديمقراطي كما تقدم الدعم اللازم - معنويا وماديا - لصحيفة زمان التابعة لجماعة غولن تحت مسمى "حرية التعبير" ونفس الشيء تقدم عليه اوروبا وبروكسل بالتحديد.

رابعا: هناك شاهدان على تقاطع حزب العمال الكردستاني مع جماعة غولن وعملهما معا.

كلنا نذكر "مبادرة السلام" التي أقدم على توقيعها 1128 من الأكاديميين الذين لم يلحظوا إرهاب حزب العمال الكردستاني ولم يتنبهوا لخطر الانقساميين ولا للشهداء من العساكر والشرطة الذين يسقطون كل يوم وادعوا أن الدولة تمارس العنف ضد المواطنين وترتكب المجازر في الجنوب الشرقي من البلاد في محاولة لتشويه صورة الحكومة والدولة. هؤلاء الأكاديميين انتصر لهم القنصل الأمريكي والسيد بايدن نائب الرئيس الأمريكي من جهة وفتح الله غولن من جهة أخرى. فالصحيفة التي يشغل فيها غولن منصب رئيس شرفي كتبت المقالة تلو الأخرى ووجهة الدعوة تلو الدعوة لمساعدة هؤلاء الأكاديميين وصرحت "إننا لن نكون شركاء في إذلال هؤلاء الأكاديميين من خلال صمتنا " لنحظى بمشهد أخير يجمع الأمريكان وغولن وحزب العمال الكردستاني... في مشهد كافٍ لشرح الحالة التي آلت اليها الأمور.

أما المشهد الثاني والأساسي الذي يمثل دليلا على تعاون حزب العمال الكردستاني مع جماعة غولن كان في أثناء التحضيرات لانتخابات السابع من حزيران/ يونيو، إذ شهدنا حينها وقوف عناصر كلا الحزبين جنبا إلى جنب. فجماعة غولن عملت جاهدة ومنحت أصواتها لحزب الشعوب الديمقراطي ليتجاوز 10% من الأصوات التي تمثل الحد الأدنى لدخول المجلس. على كل حال  الجماعة تنكر منحها الأصوات لحزب الشعوب الديمقراطي لكنها لا يمكنها إنكار سعيها الدؤوب لتشكيل حكومة ائتلاف مكونة من حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية. رد السيد بهتشلي رئيس حزب الحركة القومية الرادع لهذه الدعوات جعل الحركة تغير من نبرتها لتصبح الدعوات لحكومة ائتلاف بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري. لا يمكن لنا نسيان تلك المقالات الطويلة والدعوات المستمرة في ذلك الحين ولا يمكن للشعب أن ينسى مساعي غولن لتسليم الحكومة لتنظيم إرهابي ...

خامسا وأخيرا: إن أكثر نقاط التشابه بين جماعة غولن والأحزاب الكردية متمثلة بحزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي واتحاد المجتمعات الكردية هو التالي: كلا الطرفين يحاول سرقة شباب هذا الوطن من أكراد وأتراك والتلاعب بضمائرهم ومسح عقولهم وملئها بالايديولجيات الخاصة بهم ليصبحوا عناصر تعمل ضد الوطن والدولة. كلا الطرفين يستغل أبناءنا بلا هوادة فأحدهما وفي سبيل تقسيم الوطن يصور لشبابنا أن طريق السلاح هي الحل، أما جماعة غولن وفي سعيها لإنشاء تركيا على هواها تتلاعب بعقول الأطفال والشباب ليعودوا إلى الوطن كعناصر استخبارات أجنبية يتم زرعهم في كل مكان في جسد هذه الدولة في محاولات للسيطرة على الحكومة والسلطة.

كلا الطرفين لم يستطع أن يتغلب على هذا الشعب الواعي، فالشعب تخلى عنهما وتركهما وحيدين خلف خنادق سور كما تركهم وحيدين أمام صحيفة زمان...

عن الكاتب

حسين غولارجا

صحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس