بريل ديدي أوغلو – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

بدأت روسيا في عملية انسحابها من سوريا ولكن هذا الانسحاب لن يكون بشكل كامل، بل سيترك الروس بقايا أثر كما صرحوا وقالوا بأنهم قد يعودون إن احتاجوا لذلك، وفي نفس الوقت نرى النجاح الروسي في دفع إيران وقوى المعارضة المعتدلة في سوريا مع تركيا خطوة إلى الوراء بانسحابها مع الانسحاب المتزامن لمليشيات حزب الله اللبناني.

قبل عملية الانسحاب المعلنة أجرى الرئيس الروسي مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي تحدثا فيها عن وجهات النظر المتضاربة في الشأن السوري واقتراحات الحل من كل طرف، ولأن أطراف الحوار يختلفون في أدوات قواتهم المستخدمة في اللعبة السياسية التي تجري بالساحة السورية فإن مكانهما على طاولة المفاوضات لن يكون متساويا، ففي الوقت الذي نرى فيه روسيا وهي تحمل ورقتها العسكرية بتدخلها المباشر، نرى في المقابل أمريكا وهي تحمل ورقة من كلمات لا غير لعدم تدخلها المباشر في الساحة السورية.

ماذا ربح كل واحد منهم؟ على ما يبدو فإن مكاسب كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية متساوية بقاعدتين روسيتين في طرطوس وحميميم، بينما اكتفت أمريكا بقاعدة عسكرية في كوباني، ففي الوقت الذي كانت فيه روسيا تخاطر بالكثير وتقدم المبالغ الطائلة لدعم حملتها العسكرية، كانت أمريكا تحرك أحجار اللعبة من الخلف، ولهذا رأينا روسيا وقد حصلت على قاعدتين عسكريتين ثمنا لما قدمت؛ بينما اكتفت أمريكا بقاعدة واحدة لقاء عدم خوضها أي مخاطر حقيقية. ورغم أن الطرفين اتفقا على عداء داعش إلا أنهم قبلوا بأن يكون الأسد طرفا على الطاولة السياسية بدفع الدب الروسي له داخل اللعبة.

تكمن المشكلة ببعدها السياسي في التردد الأمريكي والتغير المتكرر للموقف الأمريكي فيما يخص أطراف المعركة السورية، فبينما كانت الولايات المتحدة ترفض الأسد في بداية الأمر، رأيناها وقد غيرت رأيها لتدعم المعارضة المعتدلة، ثم عدلت عن لك فدعمت وحدات حماية الشعب الكردي، لكنها وبسبب مواقفها الأخيرة فيما يخص تركيا ومعركة حزب العمال الكردستاني في الجانب التركي رأيناها تفشل في خيارها الأخير أيضا. ومع وجود مشروع الدولة الكردية نرى مشكلتين آخرتين تؤرقان أصحاب القرار، أما بالنسبة للمشكلة الأولى فهي تنظيم داعش ونفوذه الذي ما زال مستعصيا على الأطراف المحاربة له، والمشكلة الثانية فهي وجود مشروعين مختلفين للدولة الكردية؛ الأول تقوده أمريكا انطلاقا من الأراضي العراقية؛ والثاني تقوده روسيا انطلاقا من سوريا، كما ونرى في نفس الوقت معارضة تركية إيرانية لهذه المشاريع.

تحاول روسيا زيادة فرصها الدبلوماسية باستخدام الورقة الأوكرانية مع أمريكا، وهو ما تريده أمريكا في واقع الأمر، مما سيؤدي إلى إعادة تعريف العلاقات السورية الكردية والتركية الأوروبية، كما ويُضاف إلى ما سبق تحركات حزب العمال الكردستاني الإرهابي وتأثير العلاقات التركية الأوروبية على روسيا.

عن الكاتب

بريل ديدي أوغلو

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس