عبد الغني الأحمد - خاص ترك برس

لا يزال الحقد التاريخي الذي ورّثه السوفييت في منطقة القوقاز قائماً حتى الآن، ويتجسد هذا الحقد بالحرب الأذرية الأرمينية التي امتدت لما يقارب القرن.

إذ كانت كلٌ من أذرييجان وأرمينيا تابعتين للاتحاد السوفييتي، وتتميز هاتان الدولتان بموقعهما الإستراتيجي في منطقة القوقاز بالقرب من بحر قزوين الذي يعد منبعا مهما للطاقة، ويعود أصل الخلاف إلى عام 1923،  إذ قام رئيس الاتحاد السوفييتي آنذاك ستالين بمنح إقليم قره باغ الأذري لأرمينيا، على الرغم من أن هذا الإقليم يقع داخل أذربيجان،  ولكي يستمر الصراع  قام  ستالين بمنح إقليم ناختشيفان الأرميني لأذربيجان على الرغم من أنه كان يقع في الجانب الأرميني.

فسياسية التفرقة وإثارة النعرات هي السياسة التي كانت متبعة من قبل ستالين،وقد حصل ما أراد فنشبت حرب امتدت بين عامي 1992-1994، بين الدولتين،  وذلك بسبب دعم أرمينيا لحكومة قره باغ التي فاجأت الجميع، وأعلنت استقلالها إبان سقوط الاتحاد السوفييتي، وقد كبدت هذه الحرب خسائر كبيرة لكلتا الدولتين إذ قتل الآلاف وشُرد ما يقارب النصف مليون.

واستمرت الحرب الباردة منذ ذلك الحين إلى الآن، مع وجود أشكال التصعيد العسكري، والسياسي، والاقتصادي بين الدولتين، وقد تجدد هذا التصعيد بتقدم للقوات الأذرية داخل الإقليم.

وتعد هذه القضية من أكثر القضايا تعقيدا، وذلك بسبب تجاوزها حدود البلدين، ولكثرة الأيادي التي زجت بنفسها، إما في الحل، وإما في تأجيج الصراع.

ونلاحظ الدور الروسي الذي كان سبباً أساسياً في المشكلة، وقد استمرت روسيا بدعم أرمينيا ضد أذربيجان، لأسباب دينية، ولأهمية موقع أرمينيا، ولمرور أغلب أنابيب النفط ضمن حدودها، والتي تستطيع أن توجهها حيث شاءت في حال لم تلق دعماً روسياً.

أما إيران فقد كان دورها مفاجئاً للجميع فقد دعمت أرمينيا المسيحية على حساب أذربيجان ذات الغالبية الشيعية، وذلك لأن أرمينيا مستهلك جيد، وزبون دائم على شراء النفط الإيراني، مما يؤكد حقيقة الدجل الإيراني والكذب الذي يتخذ الدين ستاراً لتحقيق أهدافه.

والدور الأميركي واضح تكاد لا تخطئه عين، فالمعونات المالية التي تقدمها أمريكا لأرمينيا مذهلة، وقد تجاوزت هذه المعونات ميزانية أرمينيا كاملة، في حين أن أميركا قد أغفلت عينها عن مئات آلاف النازحين الأذريين الذين تشردوا بسبب الحروب الكثيرة التي دارت بين البلدين.                                         

ولتركيا دور ثابت في نصرة أذربيجان، وذلك للعلاقات والروابط الدينية واللغوية، ولتقف مجدداً وجهاً لوجه في مقابلة كل من روسيا وإيران وليستمر الصراع مع  البلدين الذي تجسد أيضاً في الحرب السورية حديثاً، مما يجعل الصراع التركي مع كل من روسيا وإيران على جبهتي القوقاز وسوريا .

هذا كله يؤكد الرغبة العالمية للإطاحة بالدولة التركية سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، وأن مشكلة إقليم قره باغ تتبع أساساً للدول الخارجية التي تتحكم بالصراع، وأنه لن تتم معالجة هذه القضية ما دامت هذه الدول المتحكمة في تنافر.

عن الكاتب

عبد الغني الأحمد

كاتب سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس