محمد عمر زيدان - خاص ترك برس

ينطلق يوم الأحد 13 نيسان/ أبريل 2016 الموافق 6 رجب 1437 السباق الماراثوني للفوز بعضوية مجلس الشَّغَب السوري أو ما يسمى بالحظيرة الأسدية، وفي سابقة هي الأولى في عالم المارثونات سوف يتوج 250 فائزًا خلافًا لما هو معتاد بتتويج الثلاثة الأوائل وسينال الفائزون شرف تقبيل البسطار العسكري الأسدي ومما لا شك فيه أن الفائز ليس بحسب ما يجمعه من أصوات الناخبين ولكن بقدر ما يستطيع التهليل والتسبيح بحمد الرئيس.

ويجب أن يتمتع المرشح بمواهب متعددة سواء كانت خاصة أم عامة  فالعامة مثل سرعة رفع الأيادي في أثناء التصويت على أي قرار من قرارات المجلس وسرعة الكر والفر لأنه سيضطر إلى لبس البزة العسكرية للدفاع عن مزرعة الأسد كما ينبغي عليه استخدام عبارات التبجيل والتأليه وكلمة موافقون وحسن التصفيق في حال إلقاء الرئيس خطابًا ما كما يجب عليه أن يكون رياضيًا ليشارك في حفلات الدبكات الشعبية وبقدر مايُظهر من مواهب وحركات بهلوانية بقدر مايكون جديرًا باكتساب هذا المقعد، أما الخاصة فيجب أن يكون لصًا مشهودًا له في مكان إقامته ولا تلزم الشهادة العلمية والأكاديمية وإنما يستعاض عنها بشهادة حسن سلوك من الجهات الأمنية.

ومن الملفت للنظر كثرة عدد المرشحات النسائية بأسماء حركية مثيرة للضحك والسخرية كأم البيارق وأم الصواني وأم الطناجر. كما أن الدعاية الانتخابية لبعض المرشحات والصور المعلقة بأزقة دمشق لا تشي عن دعاية لمرشحة محترمة تريد تمثيل الشعب والأمة فعند النظر إلى تلك الصور ينتابك شعور بأنها دعاية لأدوات تجميل عالمية أو عرض أزياء لكبرى العواصم العالمية  كما أن دخول الراقصات إلى قبة البرلمان سيؤدي إلى عهر طبيعي بالإضافة للعهر السياسي الذي يمارسه ساستهم، كما أن من يحمل شهادات علمية فهو سيمارس العهر بطريقة مختلفة ألا وهو العهر الفكري والترهيب الأخلاقي بحجة العلم والمعرفة وربما اعتقد بأن الشهادة العلمية التي يحملها ربما تشفع له بدخول هذه الحظيرة وتغييب عقول الناس البسطاء الذين هم بالأساس مقموعون.

وترجع كثرة أعداد النساء في هذا العرس الجماهيري كما يدّعى النظام إلى أسباب متعددة منها 1- كثرة عدد النساء بعدما فقدت سورية الكثير من رجالها فداء للبسطار العسكري الأسدي 2- استدعاء الكثير من الرجال ما بين سن 25-40 إلى الخدمة العسكرية بحجة الاحتياط 3- عزوف الكثير من الرجال عن ترشيح أنفسهم لعدم ثقتهم بالنظام أولًا ومن ثم فإن الوقت غير مناسب في ظل محادثات جنيف 3 ومنها معارضة النظام أو معارضة الداخل 4-كذالك حب الشهرة التى فطرت عليها النساء وخاصة اللائي كنّ يرقصن بملاهي شعبية وأردن الخروج إلى العالمية من خلال قبة البرلمان والجمع بين الرقص في الفن والرقص بالسياسة على مبدأ (انتخبوا فلانة تعلمكم الرقص مجانًا) ولهذه الأسباب مجتمعة كثر عدد العنصر النسائي في البرلمان الأسدي.

ولكن لماذا يسارع السوريون للترشح لهذا المنصب مع يقينهم بصوريته من جهة وضياع هيبة العضو منذ دخول حزب البعث إلى سورية ربما والعلم عند الله بأن هذه الحصانة يمكن للعضو من خلالها سرقة أكبر قدر من المال العام  بدون مسألة قانونية وبغطاء رسمي وربما يستطيع من خلالها عدم الزج بأولاده بالحرب أو تهريبهم إلى الخارج أو ليثبت للنظام أنه مطيع ومحب أما ما يخص العنصر النسائي مع الاحترام للأقلية فإن الأكثرية تدخل قبة البرلمان لحمايتها من شرطة الآداب. ولكن إذا تسألنا من تعيس الحظ الذي سيحظى بشرف دخول الحظيرة الأسدية طبعا بلا شك إنها قائمة الجبهة اللاوطنية الرجعية التى غيرت اسمها إلى قائمة الشحمة الوطنية ومن ثم سينجح كل من عنده كتيبة أو لواء أو فرقة خاصة من الشبيحة لمساندة النظام المتهالك ومن كان ولاؤه خالصًا للنظام  والأهم من ذالك أن يكون ممن يتقن الرقص على أجساد السوريين ويستمرئ القتل والذبح بإخوانه في الدين والوطن وأن يكون شغوفاً في سفك الدماء وأن يعرف عنه حبه للشهوات والملذات وابتعاده عن الدين والأخلاق والأعراف.

والحق أحق أن يقال بأن نظام الأب والابن يتفقان بالقتل والتدمير وشهوة السلطة ولكن كان من المستحيل لهذه الحثالات أن تحلم بمجرد التفكير بترشيح نفسها. ولكن وأسفاه على ما آل إليه الوضع السياسي بسورية وأين كنا، عندما نراجع تاريخنا وتاريخ البرلمان السوري الذي يعود تاريخه إلى 19 تموز/ يوليو 1919 كأول سلطة سورية تنفيذية تحت مسمى المؤتمر السوري العام ونقرأ ذالك التاريخ البرلماني المشرف في مناهضة الاستعمار الفرنسي ومن ثم قراءة بيان الاستقلال ورفض نوابه تحية العلم الفرنسي، هذا غيض من فيض ولكن واحسرتاه على ما فعلته الأنظمة الدكتاتورية بهذا المجلس وتحويله إلى مجلس للفقش والرقش والتصفيق فقد فقدنا قوتنا السياسية عندما عرّينا هذا الصرح الحضاري من ممتلكاته ولكن بفضل شرفاء سوريا بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم سيعود إلى هذا المجلس بريقه ولمعانه.

عن الكاتب

محمد عمر زيدان

أكاديمي سوري وأستاذ جامعي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس