د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

من يُدقق النظر في الأساليب الصهيونية بفلسطين الحبيبة والأساليب الصفوية الإيرانية في العراق والشام واليمن وغيرها يجد تماثلاً وتشابها إلى حد الاستنساخ الكامل، وكأن معادلة صاد مربع تجمع الطرفين بشكل كامل، وتفرض نفسها كمعادلة دولية تُفسر وتحلل قمع الشعوب واستئصالها على الطريقة الإيرانية والإسرائيلية.

لنبدأ من الخطاب الدعائي الكاذب المراوغ إذ نجحت الصهيونية في ترويجه وسط العالم الغربي بحيث ابتلع الطعم تمامًا في تعرضهم للمحرقة النازية وبغض النظر عن صحتها أو كذبها، أو حجمها إن كان صغيرًا أو كبيرًا، لكن هذا الخطاب المظلومي نجح تمامًا في ضبع الغرب كله وجره تمامًا إلى السردية الصهيونية في التعاطي مع إسرائيل المزروعة في قلب العالم العربي، وهو نفس ما يكرره الصفويون اليوم في العراق والشام واليمن وغيرها، من المظلومية التي تتعرض لها فرق الشيعة في هذه البلدان، وهي الفرق التي ازدهرت تماماً في ظل الحكم الإسلامي والوطني على مدى مئات السنين ولولا هذا التسامح السني معها لما كان لها وجود فضلاً عن تمدد وانتشار في هذه المناطق والبلدان.

يطرح الصهاينة قضية الهيكل المزعوم، واليوم نرى الصفويين يطرحون قضية المراقد، التي يسعون إلى زراعتها زرعًا، فمرقد السيدة زينب بدمشق على الرغم من الشكوك الكبيرة بصحة وجوده في هذا المكان، ومع هذا فقد حافظت فترات الحكم السني  السابقة عليه، ولكنهم الآن يطرحون مرقد سكينة ورقية وعمار بن ياسر وعدي بن حجر وووو، وكثير منها لا أساس له من الصحة، ولكنهم مع هذا يستنسخون الأسلوب الصهيوني في السطو على الأرض من خلال هذه المراقد أو الهياكل لا فرق، ولذا فقد رأينا الحريق الذي التهم أكثر من خمسين محلاً تجاريًا في العصرونية بقلب دمشق القديمة بعد أن امتنع أصحابها عن بيعهم لتجار شيعة موالين لإيران، بذريعة أن هذه المحلات قريبة من مرقد رقية.

ويأتي في هذا السياق سياسة اقتلاع السكان من أرضهم على غرار الصهاينة وما فعلوه بالفلسطينيين ولكن ما حصل للفلسطينيين في خلال ستين عامًا على يد الصهاينة يسعى الصفويون إلى اختصاره واختزاله بسنوات فقط مع أهل الشام والعراق، ولذا ما رأيناه من جرائم وقتل وسحل وتشريد في سنوات لم تحصل في فلسطين إلا في ستين سنة، والأنكى من ذلك أن تجري عمليات تغيير الديمغرافيا بإشراف أممي قذر تقوده الأمم المتحدة التي تتشدق بحقوق البشر، كما حصل في  الفوعة وكفريا وحمص ومضايا والزبداني، ولكنها لا تعرف لهم حقوقًا في الأرض والمسكن في الشام والعراق.

اعتمد الصهاينة على مدى عقود على المليشيات الهاغاناه واشترن وغيرهما من أجل قتل وملاحقة وتشريد وتفجير بيوت الفلسطينيين وهو ما يكرره الصفويون اليوم في الشام والعراق واليمن، واستنسخوا معه أساليب الصهاينة الجدد بحصار غزة، فكان حصار المدن الشامية والعراقية واليمنية ولكن الصهاينة كانوا أشرف منهم حين لم يمنعوا الدواء والغذاء عن المحاصرين، ولم نسمع أن محاصرًا فلسطينيًا أكل قطًا أو كلبًا أو مات جوعًا في المناطق المحاصرة بينما رأينا حصارهم أودى بحياة المئات، ورأينا معه كيف تحول أهل الشام في مضايا وحمص وداريا والفلوجة وتعز إلى هياكل عظمية لتُشبع نهم سادية قم وطهران، ويبدو أنها لن تشبع.

لم يعد التماثل والتشابه في الأساليب خافياً على أحد، ولم يعد التشارك في الأهداف بين الصهاينة والصفويين مستورًا، فقد كشفت ثورة الشام العظيمة كل ما كان يسعون إلى إخفائه، ولعل من كان يستغرب سريان الخطاب الصهيوني في الغرب بما فيه من تحوير وكذب عن أحقيتهم في فلسطين، لن يستغرب اليوم وهو يرى سريان الخطاب الصفوي الكاذب على كثير من الشعوب والنخب العربية لعقود.

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس