علي حسين باكير - القبس

تعهد رئيس الحكومة التركية المقبلة بينالي يلديريم- بصراحة تامّة- أن يعطي الجهود لتغيير النظام السياسي في البلاد دفعة جديدة من خلال العمل على دستور جديد. بدوره قال الرئيس اردوغان أنه يعتقد أنّ الحكومة ستجعل تغيير النظام الحالي الى نظام رئاسي أولوّيتها.

وبغض النظر عن مبررات تحويل النظام السياسي في تركيا، يمكن ملاحظة أنّ هناك اندفاعا شديدا في هذه المرحلة لتحقيق ذلك. صحيحٌ أنّ هشاشة النظام من الناحية الدستوريّة تسببت بمثل هذا الحراك، وأنّ تفاقم الاوضاع الاقليمية زاد الضغوط العكسية على النظام السياسي، لكنّ الأصل دوماً في استحقاقاتٍ كهذه داخليٌّ اولاً.

ومعروف أنّ تعديل النظام السياسي لا يتم الا من خلال تعديلات جوهريّة على الدستور الحالي أو وضع دستور جديد. ويتطلب إقرار أي تعديلات مباشرةً ثلثي أصوات البرلمان (367 صوتاً) ، أمّا إذا حصلت على تأييد ثلاثة أخماس الأصوات (330) فيمكن طرحها باستفتاء عام.

والحصول على 367 صوتاً يتطلب دعم المعارضة لهذا المقترح، وهو غير متوافر. لكن حزب العدالة والتنمية يرى انّ المرحلة مناسبة جداً لاختبار الخيارين بسبب ضعف أحزاب المعارضة وتفتتها المتزايد من الداخل، مما يتيح له هامشاً من المناورة، واذا فشل، فستكون ورقة الاستفتاء جاهزة في أسوأ الاحتمالات.

قبل مدّة قصيرة قام حزب العدالة والتنمية باختبار مصغّر لهذا السيناريو عندما طرح إجراء تعديلات دستورية لسحب حصانة نواب حزب الشعوب الديموقراطية لدعمهم حزب العمّال الكردستاني، واستغرب كثيرون تصويت أحزاب المعارضة في النهاية لمصلحة التعديلات، وتمريرها بأكثرية تزيد على الثلثين.

لقد وضع حزب العدالة هذه الاحزاب في موقف صعب، إذ أنّ رفضها تأييد التعديلات كان سيجعلها تخسر المزيد من قاعدتها الشعبية المؤيّدة للحرب ضد «الكردستاني»، ولن يمنع ذلك ايضا حزب العدالة من الذهاب الى الاستفتاء، وعندها كان يمكن أن تمر التعديلات بأي حال.

صحيح انّ هناك اختلافا في الحالتين لموضوع المقارنة، فوجود حزب العمال كخصم في الحالة الثانية سهّل الموضوع، فيما وجود أردوغان في الحالة سيصعّبها، لكن في المبدأ فان أنصار تغيير النظام السياسي يرون انّ هناك فرصة مثاليّة قادمة لهم، وأنّ عليهم استغلالها لتغيير النظام.

عن الكاتب

د. علي حسين باكير

مستشار سياسي - باحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس