محمد عمر زيدان - خاص ترك برس

على مدار خمس سنوات من الصراع المرير في سورية والنظام المجرم في دمشق يظن نفسه متفوقًا فكريًا وعقليًا على عقول العالم. ولكن يا ترى ما صحة هذه النظرية التي يتبناها نظام الأسد منذ بداية الثورة وحتى يومنا الحاضر وما هو الرابط بين ما يحصل من تفجير في المناطق التابعة للنظام وبين نظام الأسد؟؟

اليوم وكالعادة وقبل الوصول إلى أي حل سلمي بين النظام والمعارضة يقوم النظام بلعب هذه الأسطوانة المشروخة بحيث يقوم بعمل عدة تفجيرات في مناطقه ليقول للرأي العام العالمي إن المعارضة لا عهد لهم ولا ذمة وإنهم غير ملتزمين بوقف إطلاق النار فيما إذا تم الضغط عليه من الدول الكبرى لوقف عدوانه على الشعب السوري، ولذلك يقوم النظام باصطناع عدة  تفجيرات في المناطق التي تحت سيطرته وغالبًا ما تكون وهمية تودي بحياة المدنيين الذين لا قيمة لهم عنده ، فيوم السبت 11 حزيران/ يونيو 2016 حدث انفجاران في حي السيدة زينب بدمشق، أما الانفجار الأول فهو في حي يسمى حي التين الذي يسكنه اليوم النصيريون من أبناء جلدة بشار الأسد، والثاني حي السيدة زينب هو حي من أحياء ريف دمشق كانت تسكنه الأغلبية السنية قبل أن يقوم نظام الأسد بتغيير ديموغرافيته السكانية  وتحويله إلى حي شيعي بحجة وجود المقام المزعوم (مقام السيدة زينب). وكالعادة كانت التهم جاهزة فمن قام بهذا الإرهاب هو المعارضة المسلحة المدعومة من إرهاب تركيا وقطر والسعودية.

والمتأمل للمشهد السوري يلاحظ  سياسة الاستحمار التي اعتاد نظام الأسد انتهاجها منذ أمد بعيد ولكن هذه السياسة لم تعد تنطلي على الصغير في العالم حتى تنطلي على الكبير فيه ولكن في هذا السياق  تحضرنا عدة أسئلة ربما تكون بالغة الأهمية، السؤال الأول يا ترى من يستطيع أن يدخل سيارة مفخخة بالإضافة إلى المتفجرات إلى العاصمة دمشق فضلا على إدخالها إلى حي السيدة زينب الممتلئ  بعناصر الأمن والشبيحة والمليشيات الشيعية من كافة الجنسيات والأعراق والسؤال الثاني هل  المناطق المحررة المحاذية  للسيدة زينب (يلدا، وببيلا، والحجر الأسود) قادرة على عمل ضخم كهذا وهي المحاصرة منذ أشهر طويلة وهي تخوض معارك الأمعاء الخالية فكيف والحال كذلك تستطيع المعارضة إدخال المتفجرات والسيارات وتفجيرها؟؟!!

وإذا قلنا أن المعارضة يمكن أن تفعل هذا ولها تكتيك عسكري جيد كجيش الإسلام فنحن نشك بقدرته على اختراق الطوق الأمني الأسدي. السؤال الثالث لماذا التفجير في الأحياء التى يسكنها النصيرية اليوم بعد تهجير أهل السنة منها ولماذا لم نسمع أو نشاهد تفجير في القرداحة مسقط رأس الأسد أو طرطوس أو اللاذقية، والجواب بمنتهى البساطة يمكن للأسد أن  يضحي بأي شخص سواء من أنصاره أو من أعدائه ولكن لا يستطيع عمل هذه التفجيرات في مسقط رأسه لا لحبه لهم وتمسكه بهم ولكن لأن القرداحة اليوم على صفيح ساخن والصدامات العائلية على أوجها وعمل كهذا يمكن أن يقلب الطاولة على رأسه ورأس نظامه ولهذا لا بد من كبش فداء يقدمه للمجتمع المتعفن يظهر لدنيا بأنه الضحية ويصبح الجلاد مظلوماً والمظلوم جلادًا.

واليوم بعد أن اقتنع العالم بأن من يقوم بهذه التفجيرات هو مختار حي المهاجرين وأزلامه وحلفائه من داعش وغيرها فلا بد من وقفة جادة تنم عن قوة المجتمع الدولى هذا إن بقي لديه قوة ولكن المثير للضحك والقلق معاً عدة أمور منها الأمر الأول استخدام داعش في هذا الوقت وزج اسمها ونسب  هذه التفجيرات لها في حين عشرات التقارير الأممية تؤكد الروابط بين نظام الأسد وداعش وما حقل الشاعر وتدمر عنا ببعيد، الأمر الثاني هو استخدام بشار الأسد المدنيين وقوداً وكبش فداء لثورته الأمر الثالث والخطير إذا صدقنا أكذوبة النظام بأن المعارضة أو صديقته داعش قامت بهذا العمل فهذا  ينم عن مدى الخلل الأمني لدى النظام من جهة ومن جهة آخرى مدى الخلاف والاختلاف بين الفصائل الأسدية النصيرية والإيرانية الشيعية في حماية نفسها أولاً وحماية من هي مكلفة بحمايتهم الأمر الرابع إذا كان النظام لا يستطيع حماية أقرب المواقع قدسية على قلوب الشيعة وهو مقام السيدة زينب فكيف سيستطيع أن يحمي شعبه  الأمر الخامس إذا كان لداعش هذه القوة بإدخال السيارات المفخخة والمتفجرات إلى وسط العاصمة دمشق فلماذا لا تفجر في حي المالكي أو المهاجرين أو أحد المربعات الأمنية  ولكن سبق وقلنا بشار الأسد يتبنى سياسة الاستحمار التى فطر عليها ولن يحيد عنها حتى يفنى جميع أعوانه لا لشيء وإنما لولعه بسفك الدماء وحبه للجاه والسلطة.

لكن أين نحن من سياسة الاسترحام إن لم يكن لهذا الجزار رحمة بأبناء بلده فلا أقل من أن يكون في قلبه قليل من الرحمة على أبناء طائفته وأنصاره ولكن هيهات. ضاع الشعب السوري بين سياسة الاسترحام والاستحمار  فهل من منقذ؟

عن الكاتب

محمد عمر زيدان

أكاديمي سوري وأستاذ جامعي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس