سيفيل نورويفا - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

يشير الجواب الذي جاء من الكرملين على رسالة التهنئة التي أرسلها أردوغان، بأنّ الأزمة في العلاقات الروسية التركية بدأت بالانفراج، وبدأت بالنزول من القمة نحو الأسفل، وعلينا النظر بإيجابية إلى محتوى رسالة أردوغان، والجواب القادم من بوتين.

عند النظر إلى المحتوى، نجد بأنّ كلا الطرفين قد توصلا إلى قناعة بأنّ الأزمة في العلاقات بين البلدين صبت في مصلحة الغرب، والواضح أنّ بوتين قام باستغلال هذه الأزمة كونه كان ينتظر شيئا من الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه لم يأخذ سوى الوعود، والأمور أشبه بلعبة شطرنج، لكن روسيا لم تستطع أنْ تعمل "كش ملك".

أما فيما يتعلق برسائل تخفيف حدة التوتر، فعلى تركيا أنْ لا تغيّر مبدأها، وأنْ لا يكون موضوع الاعتذار مجرد احتمال وارد، فمهما كانت هوية الطائرة المُخترقة للأجواء التركية، كان يجب اسقاطها، وأسقطتها، وهنا لا مكان للاعتذار ولن يكون.

تركيا فعلت الصواب، عندما وضعت الحد أمام من يستهدف وجودها، بما فيهم روسيا، فإسقاط الطائرة وضع حدا للتمرد الروسي، وقد يكون الاقتصاد تأثر كثيرا، لكن ما فعلته تركيا هو إرسال رسالة للجميع تثبت فيها بأنّ "تركيا تملك اليوم من القوة ما يجعلها تعلن الحرب على كل من يمسّ حدودها".

وعلينا أنْ لا ننسى بأنّ الأزمة بين روسيا وتركيا، لم تكن مجرد أزمة بين بلدين، وإنما لها بُعد دولي، وخصوصا إذا اعتقدنا بأنّه لا يوجد أصدقاء ولا أعداء دائمون في العلاقات بين الدول، وهذا يجعلنا ننتظر حملات ورسائل جديدة خلال المرحلة المقبلة.

لو أنّ العلاقات التركية الروسية ارتكزت بصورة متينة، لكانت هي القوة الأكبر التي من الممكن أنْ تقف في وجه النظام العالمي ذي القطب الواحد، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يكمن خلف اختلاق الأزمة بين البلدين، ونحن نفهم من ذلك بأنّ سير العلاقات إيجابيا بين روسيا وتركيا يحمل أهمية سياسية أكثر من سيرها بنفس الطريقة بين روسيا والصين، وإذا تم تكوين وحدة استراتيجية وتحالف بين تركيا وروسيا، فإنه سيكون لها تأثير واضح يخدم مصلحة البلدين في كثير من المسائل مستقبلا، وهذا ما لا يريده الغرب!

يملك الشعبان الروسي والتركي، قوة وحضارة لا مثيل لها، وعندما اختلفوا وأصبحوا أعداء، أطاحوا بالدولة العثمانية وبروسيا القيصرية، وانتقلوا بهما لمرحلة جديدة، ونحن لا نستطيع رسم الصورة المستقبلية دون الأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات.

أردوغان جعل الكرة الآن في الملعب الروسي، بعد مكتوب التهنئة الأخير، وهو الذي يهدف إلى إعادة العلاقة مع روسيا التي اخترقت الأجواء التركية دون طلب الاعتذار منها، وهذه الحركة تثبت حُسن النوايا لدى تركيا، لكن علينا أنْ لا ننسى بأنّ روسيا التي لم تأخذ ما تريد من أمريكا بصورة تامة، خياراتها مفتوحة للرسائل والحملات الجديدة التي من الممكن أنْ تقوم بها.

ولهذا فإنّ روسيا ستقوم برسم خطواتها تجاه تركيا بناء على هذه المعادلة، فإعادة العلاقات مع تركيا يحمل أهمية ستتعاظم مع الوقت بالنسبة لروسيا. روسيا التي تحاول اللعب بندية في مقابل أمريكا، لكنها لا تملك القوة التي كانت تملكها في السابق، وهي تبذل الجهود لتحقيق ذلك، وروسيا ترى بأنّ قطع العلاقات مع تركيا بمثالة إطلاق رصاصة على قدمها، وحُسن النوايا لن يكون من خلال الرسائل فقط، وإنما من خلال تغيير موقف الإعلام الروسي الذي يملك فيه اللوبي اليهودي والأرمني النفوذ، والذي نجح في تسميم المجتمع الروسي ضد تركيا، لكننا لا ننتظر هذا التغيير في الوقت الراهن.

على الدولة التركية أنْ تستمر في موقفها الثابت والراسخ، ويجب أنْ لا تلتفت إلى بعض التحليلات التي نشاهدها في الإعلام التركي.

عن الكاتب

سيفيل نوريفا

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس