أكرم كيزيلتاش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

التوتر التركي الإسرائيلي عقب هجوم مافي مرمرة في الثلاثين من أيار/ مايو عام 2010م وصل إلى النهاية تقريبا، ونقول تقريبا لأن خلال السنوات الست التي مضت حصلت كثير من التغيرات وكلا الدولتين تعلم أنه لا يمكن للعلاقات أن تعود إلى سابق عهدها، ولعل أهم هذه التغيرات أن تركيا لم تعد تركيا القديمة تلك.

يتوقع للعلاقات الثنائية بين البلدين والتي تراجعت إلى الحد الأدنى عقب الهجوم على سفينة مافي مرمرة أن تعود إلى مجاريها إثر تنفيذ الشروط الثلاث التي طالبت بها تركيا.

لكن هناك مجموعة ترى أنه لا يجب أن تكون هناك علاقات تجمع تركيا بإسرائيل الدولة المخاطبة بهذا الخصوص حتى لو كان هذا الاتفاق وهذه العلاقات تعود بالنفع على فلسطين والفلسطينيين ولذلك لم تتقبل هذه الجماعات التوصل إلى تفاهمات بخصوص تطبيع العلاقات مع إسرائيل.  

هذا الظرف وهذا التوجه يمكن تفهمه، لكن إسرائيل موجودة كدولة ولهذه الدولة يخضع الفلسطينيون الذين تحتل إسرائيل أرضهم. وجميعنا كذلك يعلم موقف الدول الغربية والمؤسسات العالمية التي يسيطر عليها الغرب من إسرائيل ومن أي شيء له علاقة بتلك الدولة. وبالتالي حتى لو كانت العلاقات مع إسرائيل غير مرغوبة وغير محببة إلا أن من الواضح ضرورتها وأهميتها. وجميعنا يعلم أن العلاقات التركية الإسرائيلية ستكون في صالح الفلسطينيين وستحقق لهم المكاسب والنفع.

الحياة الصعبة التي يعانيها الفلسطينيون والتي يجبرهم الاحتلال عليها ونوعية الحياة التي من الممكن توفيرها من خلال هذه الاتفاقيات بين تركيا وإسرائيل تبقى أهم نقطة في هذه المحادثات.

حياة تخلو من مياه الشرب والكهرباء والمستشفيات... أو بكلمات أخرى حياة تخلو من الأمور البديهية بالنسبة لنا، لو استطعنا توفير هذه الأمور للفلسطينيين ستكون حياتهم أفضل بالتأكيد وسيتمكنون من العيش بسلام. التصريحات المختلفة تظهر أن الفلسطينيين راضون عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين تركيا وإسرائيل.

مخاوف جماعة غولن

الجماعات غير الراضية عن الاتفاق التركي الإسرائيلي ليست في تركيا فقط وإنما هناك مجموعات داخل إسرائيل غير راضية عن هذه التطورات. ففي الجروزلم بوست نشر تحليل إخباري تحت عنوان "حماس وتركيا هما الفائز في الاتفاقية"، في حين كتبت صحيفة هآرتس: " اتفاقية تأخرت سنوات عن موعدها. نفس الشروط كان لإسرائيل أن تحققها وتنفذها بعد الهجوم والحادثة مباشرة". أما الموقف الأكثر لفتا للأنظار فقد جاء من طرف الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت الذي كتب "إن موافقة الحكومة الإسرائيلية على اتفاقية الاستسلام لتركيا أمر يبعث على الحزن". فإذا ما قدمت دولة اعتذارًا وقامت بدفع تعويضات فهو اعتراف بالذنب من قبلها.

أما على الساحة التركية، فكما نعطي أهمية لعلاقتنا نعطي أهمية أكبر لكرامتنا. فقد بين رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان أن شرف وكرامة الدولة التركية هو الأهم. السبب الحقيقي للاضطرابات هو أثر التوصل إلى الاتفاقية بعد ست سنوات من المحادثات وبعد قبول معظم المطالب التركية فهو مختلف كليا. فهناك فئة تقول "كان على السفينة أخذ إذن السلطات أولا" رغم أن الحادثة وقعت في المياه الدولية، هذه الفئة التي اعتادت أن ترى إسرائيل على حق دائما وأن تبرر لها كل تصرفاتها وقعت في حيرة من أمرها واضطرب حالها بعدما اعترفت إسرائيل ذات نفسها بخطئها وهذا هو سبب الاضطراب على الساحة التركية بهذا الخصوص.

قد تحتوي ورقة الاتفاقية التركية الإسرائيلية بين السطور نقاطًا تتعلق بالعناصر والأحزاب التي تكافح تركيا ضدها والتي استخدمت للضغط على تركيا في زمن ما ولا نستغرب أن تكون هناك بنود تتعلق بجماعة فتح الله غولن.

خصوصا أن هذا الشخص يعمل حتى اليوم روحا وعقلا لمصلحة إسرائيل، وقد يترتب عليه أن يستعد غولن لصدمات جديدة. في النهاية أعضاء جماعة فتح الله غولن الذين دخلوا في الشراكات مع إسرائيل وعملوا ضد المصالح التركية من المتوقع منهم أن يقفوا ضد هذه الاتفاقية ويعارضوها.

عن الكاتب

أكرم كيزيلتاش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس