ترك برس

أشارت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أن تنحية اتفاق الهجرة المُبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي جانبا، يمكن أن يشكّل تداعيات أمنية للغرب من محاولة انقلاب تركيا.

حتى قبل محاولة الانقلاب التي هزت تركيا كانت صفقة اللاجئين - التي تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار في السنة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا - على المحك، والأحداث التي جرت في عطلة نهاية الأسبوع تضاعف صعوبة تنفيذ الصفقة بالكامل.

وأشار مقال صحيفة ديلي تلغراف إلى أن المفاوضين اعتقدوا أنهم اقتربوا من التوصل لصفقة مع أنقرة كان يمكن أن تسمح للاتفاق بالمضي قدما، لكن بعد محاولة الإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان من الصعب الآن رؤية تغيير في قوانين "الإرهاب" في أي وقت قريب.

وبالمثل، فإن المطالب الأوروبية لتركيا بتغيير القوانين التي تحكم المشتريات الحكومية للاقتراب أكثر من معايير الاتحاد الأوروبي باتت احتمالا أبعد منالا مما كان عليه الوضع قبل بضعة أيام، وفق نقلته الجزيرة نت عن ديلي تلغراف.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه لا شيء من هذا جيدا بالنسبة للاتفاق الأوروبي التركي أو الجهود الأوسع لتخفيف "نزوات الأسلمة المستبدة" لأردوغان التي وضعت أوروبا وتركيا على مسارات متباينة لمعظم العقد الماضي.

وترى الصحيفة أنه بتنحية اتفاق الهجرة جانبا يمكن أن يكون هناك أيضا تداعيات أمنية للغرب من محاولة انقلاب تركيا، فالمسؤولون الغربيون يعربون بالفعل سرا عن قلقهم بأنه إذا أصبح جهاز الأمن منهمكا في قمع داخلي وتدهورت الدولة بفعل عمليات التطهير الحالية فسيكون الأمر أقل فعالية بكثير في إدارة التهديد الخارجي الذي يشكله تنظيم الدولة. ولا شيء من هذا يبشر بالخير للاستقرار الإقليمي.

وتوصلت تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 آذار/ مارس 2016 بالعاصمة البلجيكية بروكسل إلى اتفاق يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، حيث تقوم تركيا بموجب الاتفاق الذي بدأ تطبيقه في 4 نيسان/ أبريل الماضي، باستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من تركيا.

وستتُخذ الإجراءات اللازمة من أجل إعادة المهاجرين غير السوريين إلى بلدانهم، بينما سيجري إيواء السوريين المعادين في مخيمات ضمن تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجل لديها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري معاد إليها، ومن المتوقع أن يصل عدد السوريين في عملية التبادل في المرحلة الأولى 72 ألف شخص، في حين أن الاتحاد الأوروبي سيتكفل بمصاريف عملية التبادل وإعادة القبول.

من جهة أخرى، اعتبرت ديلي تلغراف في تقرير آخر لها، مصير تركيا اختبارا للعالم، وقالت إن الغرب بحاجة إلى تركيا مستقرة، وتركيا، بطبيعة الحال، بحاجة إلى الاستقرار، ولمصلحة الجانبين يجب أن يعم السلام في المنطقة وأن تأخذ تركيا مكانها في نادي الدول الديمقراطية موحدة في وجه "التطرف الإسلامي".

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من المشاكل المشتركة بين الغرب وتركيا تعود إلى سوريا، البلد الذي يحترق على الحدود التركية، وأن حل هذه الأزمة ليس بالمهمة السهلة نظرا لتعقيد وتغير الوضع السياسي في سوريا، وفقا للجزيرة نت.

وفي نظر الصحيفة فإن رئيس النظام السوري "بشار الأسد" قد يكون ديكتاتورا متعطشا للدماء، ولكن روسيا وأميركا توصلتا إلى أنهما تفضلان "الشيطان" الذي يعرفانه على رؤية تنظيم الدولة يوسع "خلافته".

وذكرت الصحيفة أن محاولة الانقلاب العسكري كانت خطأ جسيما، لأن الرئيس رجب طيب أردوغان يتمتع بدعم قطاعات واسعة، في حين أن المدنيين الليبراليين المعارضين لحكمه كانوا سيفضلون بلا شك إزاحته من خلال عملية ديمقراطية بدلا من أن يملى عليهم العسكر بشأن مستقبلهم.

وختمت بأن الغرب بحاجة لرؤية عودة الاستقرار لتركيا، استقرار متأصل ليس في استبداد رجل واحد، ولكن في العودة إلى الدستور واحترام الحريات السياسية والفردية. ومصير تركيا هو بالتالي اختبار سياسي وأخلاقي للعالم بأسره، والمرجو أن قيادة الغرب، التي كثيرا ما اتسمت بالتذبذب والضعف، ترقى إلى مستوى التحدي.

شهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة الماضية، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لـ"منظمة الكيان الموازي" الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشرطين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، وفق تصريحات حكومية وشهود عيان.

وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة اسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!