ترك برس

في ظل اتخاذ الدولة التركية إجراءات حازمة للفتك بشبكة غولن المتوغلة في عدد من أركانها، ينبغي الانتباه إلى اتخاذ خطوات فعلية باتجاه عملية مصالحة سياسية شاملة تمكن الدولة من إجراء عملية تطهير جذرية تطال كل أطراف الانقلاب، حسبما يرى الخبير السياسي التركي غالب دالاي.

وذكر دالاي في مقاله بموقع الجزيرة ترك "يجب أن يخرج خير من هذا الشر" أن تركيا تعرف هذا التحركات والمشاهد وما يتبعها من نتائج سلبية وآلام، فالانقلابات العسكرية التي عاشتها في أعوام 1960 و1971 و1973 و1980 و1997 كفلت لها الخبرة العالية.

يوقن المواطنون الأتراك من تجاربهم السابقة، حسب دالاي، بأن لا أحد يخرج منتصرًا من الانقلاب العسكري سوى الزمرة العليا التي قامت به، فقد عانوا ويلات هذه الانقلابات التي لم تفرق الآلة العسكرية المدبرة لها بين المدني الداعم أو المعارض، وهذا كان عاملًا أساسيًا في انتفاض الشعب على التمرد الذي كان سيتحول إلى انقلاب عسكري.

من ليل دامس ظلامه إلى صباح مضيء

يصف دالاي السويعات القلائل التي عاشتها تركيا تحت وقع التمرد العسكري المحدود بالسويعات المقيتة التي لم يُكتب لها الاستمرار، وذلك بسبب إقدام محاولي الانقلاب على قصف البرلمان وقصر الرئاسة وبعض مؤسسات الدولة في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس الجمهورية التركية وحتى الآن، مضيفًا أن ما حصل مساء الجمعة ليس فقط محاولة انقلابية بل هو تحرك إرهابي كان الهدف منه نشر الذعر على أكبر مستوى ممكن.

وحسب دالاي، فقد أصاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حين وصف المنقلبين على الديمقراطية "بالمحتلين"، فمن يقتل ويقصف مؤسسات الدولة السيادية محتل ولا يمكن تعريفه بغير ذلك.

ومن أهم نتائج التمرد الفاشل، وفق دالاي، أن الوقوف ضد الانقلاب العسكري أصبح قاسما مشتركا يجمع كل المواطنين الأتراك بخلاف الانقلابات السابقة، وهذا ما سيحول دون خروج أي انقلاب عسكري في الأيام المقبلة.

تهديد حركة غولن

يرى دالاي أن أحد أهم الأسباب المحتملة وراء دفع الانقلابيين للخروج في الوقت الحالي، هو اجتماع المجلس التشاوري العسكرية المزمع عقده في الأول من آب/ أغسطس 2016، والذي كان يُتوقع أن يتمخض عن عملية تغيير جدية وشاملة لأركان الجيش العليا، بمعنى أصح كان يُنتظر أن تتم عملية تطهير كاملة لقواعد منظمة غولن المتوغلة داخل أركان الجيش.

ويتابع دالاي بأن ثمة حديثًا كان يُتداول قبل المحاولة الانقلابية الفاشلة يتعلق ببدء عملية تطهير شاملة لجناح غولن داخل الجيش والقضاء، وهو ما دفع المنقلبين لحماية مواقعهم عبر محاولة انقلابية يمكن وصفها بأنها أفشل المحاولات الانقلابية في العالم.

ويشير دالاي إلى أن هذه المحاولة كانت بمثابة القرينة لخطر غولن على الدولة، لذا لا بد من استغلالها في عملية تطهير أشمل مما كانت عليه عملية التطهير التي كان يتوقع القيام بها قبل التمرد، مشددًا على أن عملية التطهير الجذرية ستطيح بنظرية وقوع انقلاب عسكري في تركيا كل 10 سنوات.

وخلص دالاي إلى أن المحاولة الانقلابية رسخت الحس الوطني لدى جميع أطياف الشعب التركي، وهذا ما يوجب محافظته الدائمة على التوافق الوطني لتعزيز الصف الوطنية ضد المندسين "الإرهابيين".

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة الماضية، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لتنظيم "الكيان الموازي" الإرهابي، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشرطين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، وفق تصريحات حكومية وشهود عيان.

وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي والميادين الرئيسية في مدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!