أفق أولوطاش – صحيفة اكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

بعدما انجلى الغبار عن الانقلاب الفاشل تبينت الأطراف التي كانت وراءه وهم طرفان: الأول هو تنظيم جماعة فتح الله غولن الإرهابية والتي كانت تدعم الانقلابات السابقة وتقف وراءها، ولكن هذه المرة وبعد محاولات عديدة بدئوا انقلابهم الأخير حتى مُني بالفشل، ويكفي هذه الزمرة خسة ونذالة دعمهم للإرهاب وتصدرهم له كما جاء في مقال لشفق بير عنونه بـ"المحطة الأخيرة".

أما الطرف الثاني في معادلة الانقلاب فهي الولايات المتحدة الأمريكية التي ما فتئت تدبر وتسطر بأقذر الألوان الانقلابات في شتى أنحاء العالم، فبعد انقلاب ثمانينيات القرن الماضي خرج مدير السي آي إيه باول هاينز وهنّأ بنجاح الانقلاب قائلا "نجحت عناصرنا في مهمتها نجاحا باهرًا"، ليظهر من بين أسطر هذه العبارات مدى عمق العلاقة بين أمريكا والانقلاب.

انتظر رد وبيان واشنطن كثيرا وهو يترقب ويعاين الأحداث، وليس ذلك بالغريب في عُرفها، فقبل أشهر قليلة كانت واشنطن تؤدي نفس الدور في لعبة الديمقراطية في مصر عندما صمتت طويلا على انقلاب السيسي، وبعد نجاحه خرج كيري ووصف ما حدث بـ"تجديد الديمقراطية في مصر"! بنفس السيناريو صمتت أمريكا ليلة الانقلاب، لكنهم عندما تأكدوا من فشله بدأت السنتهم تدور وتتمسح بالديمقراطية.

اما الغريب هنا فهو دفاع واشنطن عن قيادات تنظيم فتح الله غولن الإرهابي ومطالبتها المستمرة بإعطائهم حقوقهم؛ الأمر الذي أظهر وبكل وضوح عمق العلاقة التي تربط واشنطن وتنظيم فتح الله غولن الإرهابي، فبدل أن تقف أمريكا مع حليفتها تركيا في محنتها رأيناها كيف ما فتئت تدافع عن الانقلابيين.

علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالانقلاب لها بُعد تاريخي واضح المعالم، ففي الأشهر القليلة الماضية برز كاتبان ارتبطت أسماؤهما بتنظيم فتح الله غولن الإرهابي وهما: ميشيل روبين وجون هنّا، وهما من أبرز شخصيات المحافظين الجدد، قد لا يكون ميشيل روبين ذا أهمية كبيرة لكن يجب الحذر كل الحذر من جون هنّا الذي يمثل هو وشريحة واسعة من المحافظين الجدد لوبي فتح الله غولن في واشنطن.

ما زال تنظيم فتح الله غولن يحافظ على قيمته الوظيفية في واشنطن حسب غراهام فولار الذي خطط لمشروع استغلاله، لكن مع فشل التنظيم في تنفيذ الانقلاب حسب الموعد المتفق عليه مع المخابرات الأمريكية في 7 شباط/ فبراير الماضي، ومع فشله كذلك في إسقاط الحكومة بمحاولة الانقلاب السابقة والتي كانت بتاريخ 17-25 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ بدأت الأسئلة تُطرح وبجديّة حول فعالية التنظيم وحقيقة قدراته على تأدية المهام المنوطة له.

لكن وبسبب أدوار هذا التنظيم العالمية الأخرى وعدم اقتصاره على الدور التركي ما تزال وظيفته قائمة وتدور تحت مجهر الولايات المتحدة الأمريكية، ليكون التحدي هنا: هل ستستطيع واشنطن حماية حليفها والإبقاء عليه في أتم قوة واستعداد؟ وهل ستستمر أمريكا على موقفها الحالي برفض تسليم فتح الله غولن وزبانيته إلا بأدلة مُثبته مُصدقة من قبلها؟

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس