رامي الجندي - خاص ترك برس

منذ انطلاق الأزمة السورية في آذار/ مارس 2011 وحتى اليوم؛ وهي تشهد مزيدًا من التعقيد والتشابك سياسيًا على الساحة الدولية وعسكريًا في الأرض السورية لاختلاف وتعدد المشاركين سواء من ناحية قوة الداعمين لنظام الأسد أو ضعف المعارضة السورية وعدم جدية المتعاطفين معها من قوى إقليمية ودولية.

لكن التطور الأخير اللافت للنظر في المشهد السوري، هو إعلان وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء الماضي أن قاذفاتها الاستراتيجية تي يو-22 أم3 وأس يو-34 تمكنت لأول مرة من قصف مواقع من أسمتهم المتشددين داعش وفتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) في كل من حلب وإدلب ودير الزور انطلاقًا من قاعدة همدان الجوية جنوب غرب العاصمة طهران.

عملية إقلاع القاذفات الروسية من الأراضي الإيرانية أكدها علي شمخاني الأمين الأعلي لمجلس الأمن القومي الإيراني مضيفاً أن بلاده وروسيا سيتبادلان الإمكانيات والقدرات في قتال الإرهابيين؛ وعلى الرغم من سماح النظام الإيراني لموسكو باستخدام قواعدها الجوية؛ إلا أنه يعتبر مخالفًا لدستور الجمهورية الإيرانية مابعد الثورة الإسلامية عام 1979 والذي يحظر على أي دولة استخدام قواعد إيران العسكرية لضرب دولة أخرى.

هذا التطور يكشف عن زيف الادعات القائلة بأن تبايناً كبيراً في وجهات النظر بين موسكو وطهران حول مستقبل بشار الأسد ونظامه؛ وأن ثمة تعاون وقواسم مشتركة كثيرة بين الطرفين في سورية أبعد من دعم الأسد أو إبقائه في السلطة لفترة انتقالية ما، إلى حين التوصل إلى تسوية سياسية يكونان فيها أكبر الفائزين من مخطط تقسيم سورية، كما يشير ذلك إلى عكس ما روجت له موسكو من سحب جزء كبير من معداتها العسكرية أواخر أيلول/ سبتمبر 2015؛ أو أن الأهداف التي دخلت إلى سورية من أجلها قد تحققت بنجاح.

هناك أهمية أخرى تكمن في سماح إيران لقاذفات روسية استراتيجية باستخدام مطاراتها؛ حيث تجري مفاوضات ثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بهدف التوصل إلى رؤية لعمل عسكري مشترك في حلب بسورية، وفق ما أعلنه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو؛ حيث تأتي عملية القصف باستخدام قواعد إيرانية بعد يوم واحدٍ فقط من إعلان الوزير الروسي، وهو ما يشكل ضربة لواشنطن ولعملية التفاوض القائمة حالياً والتي نسير دون سقف زمني محدد لإنهائها.

الجانب الأمريكي الذي عبر عن أسفه وعدم مفاجأته من الغارات الروسية انطلاقاً من إيران؛ لكن الكولونيل كريس غارفر المتحدث باسم التحالف الدولي ضد الإرهاب قال في مؤتمر صحافي من بغداد، إن روسيا أبلغت التحالف بتوجيه ضرباتها بوقت ليس طويلاً، مما أتاح للقوات الجوية وقتاً كافياً للتأكد من أمن الطلعات، لكن ذلك يعكس حقيقة الخلاف حول تسريبات لقاء المبعوث الأمريكي إلى سورية مايكل راتني خلال لقائه مع وفد الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض بالقول إن روسيا تستهدف المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من واشنطن؛ وهو أمر يعكس مدى الضعف الذي أصاب الإدارة الأمريكية كونها القوة العظمى في العالم، في ظل اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية.

عن الكاتب

رامي الجندي

باحث في الفكر الإسلامي والنهضة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس