الأناضول

تُحتم اتفاقية "إعادة المجرمين، والمساعدة المتبادلة في إجراءات المسائل الجنائية" الموقعة بين أنقرة وواشنطن في سبعينات القرن الماضي، على الأخيرة، تسليم "فتح الله غولن" زعيم تنظيم "الكيان الموازي" المتهم بالتخطيط للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف تموز/ يوليو الماضي.

والاتفاقية التي تم توقيعها في 7 حزيران/ يونيو 1979، ودخلت حيز التنفيذ مطلع كانون ثان/ يناير 1981، تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين، من أجل الحد من وقوع الجرائم، وتسليم المطلوبين بين الجانبين. 

وبحسب المادتين التاسعة، والعاشرة من الاتفاقية، فإن هناك تدابير يتعين على أحد الطرفين اتخاذها بخصوص أي شخص طُلب منه تسليمه، من بينها اعتقال المتهم بشكل مؤقت، إذ تنص المادة التاسعة على ذلك قائلة إن "على الطرفين اتخاذ تدابير لازمة بخصوص المطلوبين، منها التحرّي عن ذلك الشخص، عقب استلام معلومات ووثائق تتعلق بطلب تسليمه". 

وفي المادة نفسها يتعين على الجهة التي يُطلب منها تسليم شخص، اعتقال المطلوب، أو إبقاؤه رهن الاعتقال لحين إصدار الجهة الطالبة قرار بشأنه، وفي حال تمت الموافقة على تسليمه، يتم إبقاء المتهم قيد الاعتقال لحين تسليمه. 

أما المادة العاشرة من الاتفاق فتتمحور حول إجراءات الاعتقال المؤقت، حيث بإمكان أحد الطرفين تقديم طلب للآخر من أجل توقيف المتهم بشكل مؤقت، أو إبقائه رهن الاعتقال، قبل تسليمه عبر الطرق الدبلوماسية. 

ووفقاً للاتفاقية فإن طلب الاعتقال المؤقت الخاص بالمطلوب، يمكن تقديمه عبر الطرق الدبلوماسية، أو بشكل مباشر بين وزارتي العدل في البلدين، شريطة أن يتضمن الطلب مذكرة اعتقال صادرة من محكمة. 

وبحسب بنود الاتقافية فإنه يتعين على الولايات المتحدة، الاستجابة لطلب تركيا، واعتقال "غولن"، وفي حال لم تفِ بذلك فإنها تعتبر غير ملتزمة بالاتفاف المبرم بين البلدين. 

تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية وقعت في العاصمة التركية أنقرة، وحررت باللغتين التركية والإنجليزية، وتتكون من 44 مادة مع ملحق. 

ومن أبرز مواد الاتفاقية، المادة الثالثة -المعنونة بـ"شروط الرفض"- التي تقيد بشكل كبير باب التعاون من جهة تسليم الأشخاص الذين لهم توجهات سياسية، إذ تنص المادة المذكورة على أنه "لا يعاد الأشخاص إذا كان طلب الإعادة متعلقا بآرائهم السياسية". 

إلا أن هذه المادة تتضمن استثناء، يشير إلى أنه "إذا كان هناك جرم أو محاولة ارتكاب جرم ضد رئيس دولة، أو حكومة، أو أحد أفراد أسرهما، فإن ذلك لا يعد جرما سياسيا". 

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة "فتح الله غولن"، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية. 

وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي. 

جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن" قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة. ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!