ترك برس

انتقد الدبلوماسي الأمريكي السابق، ماثيو برايزا، موقف الولايات المتحدة وحلف الناتو من محاولة الانقلاب الساقطة في تركيا، وعدم إظهار التضامن مع حكومة منتخبة ديمقراطيا، الأمر الذي استغله الرئيس الروسي بوتين في التقارب مع أنقرة، داعيا الإدارة الأمريكية إلى إيجاد وسيلة قانونية لتسليم فتح الله غولن إلى تركيا من أجل الحفاظ على تركيا داخل الحلف.

وقال برايزا في مقال نشرته مجلة نيوزويك إن تركيا رغم الاضطرابات السياسية التي شهدتها أخيرا ودفء العلاقات مع روسيا، لا تزال عضوا مهما في حلف شمال الأطلسي، وتقع على مفترق أخطر تهديدين للحلف: عودة روسيا إلى أوكرانيا من الشمال، وتهديد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق من الجنوب.

وأشار برايزا الذي تولى منصب السفير الأمريكي في أذربيجان إلى أن محاولة الانقلاب العسكري الساقط الذي دبره غولن أضعف من قدرة تركيا الاستراتيجية في حلف الناتو، وأن الانقلاب لو نجح  لدخلت تركيا في فوضى سياسية، وربما حرب أهلية، لكن نزول الأتراك للشوارع استجابة لدعوة الرئيس أردوغان أحبط محاولة الانقلاب.

وانتقد برايزا موقف الولايات المتحدة وأعضاء الحلف من محاولة الانقلاب، وقال إن انتصار حكم الشعب بدلا من أن يكون نبأً سارًا لتركيا وجميع دول الناتو، وبدلا من إدانة واضحة لا لبس فيها للانقلاب ودعم الحكومة المنتخبة في انتخابات حرة ونزيهة، جاء الرد من وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري بمجرد الدعوة إلى الاستقرار والهدوء في تركيا، وبعد يومين عمق كيري الهوة حين حذر من أن حملة التطهير التي يقودها أردوغان ضد الانقلابيين تهدد استمرار تركيا في الحلف.

وأضاف أن قلق كيري قد يكون مفهوما نظرا للإجراءات القاسية التي تشنها الحكومة التركية، لكن من ناحية أخرى فإن المواطنين الأتراك أنفسهم دعموا حكومتهم بقوة، وفي السابع من آب/ أغسطس نزل أكثر من مليون تركي إلى شوراع إسطنبول بمن في ذلك أشد المنتقدين لأردوغان للتعبير عن التضامن مع الحكومة في سحق الانقلاب وتفكيك شبكة غولن.

وقال الدبلوماسي الأمريكي إن تهديد كيري بطرد تركيا من حلف الناتو أغضب الأتراك الذين توقعوا تضامن أكبر دولة عضو في الحلف مع تركيا في لحظة الخطر، وعلاوة على ذلك فإن الأتراك مستاؤون من رفض الولايات المتحدة تسليم غولن الذي يعدونه مدبر محاولة الانقلاب الساقط.

وأضاف إن الأتراك يتذكرون عقيدة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن التي تقول إن من يحمون الإرهابيين مذنبون مثلهم تماما، ويتذكرون كيف استطاعت الولايات المتحدة إيجاد الذرائع القانونية لاعتقال المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة في أفغانستان وزجهم في سجن جوانتانامو، لكن واشنطون تزعم أنها غير قادرة على وضع جهاز قانوني مماثل لتسليم الإرهابي غولن إلى تركيا.

ونوه برايزا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سارع إلى استغلال هذا الصدع بين أنقرة وواشنطون، فكان أول زعيم أجنبي يتصل بأردوغان بعد محاولة الانقلاب كما دعا نظيره التركي إلى زيارته في التاسع من أغسطس في مدينة سان بطرسبرغ.

لكن برايزا استبعد أن يكون هدف بوتين سحب أردوغان بعيدا عن حلف شمال الأطسي، لأن روسيا لا تزال تحتفظ ببعض العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على تركيا، والأهم أن الأتراك، كما يقول، يعرفون تاريخهم الذي يضم حروبا مع روسيا أكثر من أي بلد آخر، ومطامع روسيا في السيطرة على المضايق التركية.

وخلص برايزا إلى أن على الولايات المتحدة أن تسغل زخم زيارة نائب الرئيس جو بايدن إلى أنقرة وإدانتها للتفجير الإرهابي الذي وقع في حفل زفاف في غازي عنتاب، وأن تبني على هذا الزخم، وإيجاد وسيلة للخروج من مأزق تسليم غولن إلى تركيا، وعلى الرغم من أن ذلك لن يكون سهلا، فإنه يستحق الجهد لأن تركيا داخل حلف الناتو أكثر قيمة منه في خارج الحلف. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!