مروة شبنم أوروتش - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس 

"كنت في مدينة مكة المكرمة خلال الأيام الثلاثة الماضية لأداء فريضة الحج. وقد سنحت لي الفرصة للحديث مع مسلمين من جميع أنحاء العالم، وأنا في الفندق وعند الكعبة. طرح علي شخص باكستاني سؤالا بلهجة بالغة الجدية "لماذا ذبح أردوغان 100 ألف شخص؟"، وبالأمس سألني أخ من السنغال "لماذا قتل أردوغان 50 ألف شخص خلال أحداث 15 يوليو/ تموز؟"، وقال رجل من قيرغيزستان لكنعان ألباي عندما حاول الأخير أن يشرح ما حدث فعلا في تركيا "أنت كاذب، يبدو أنك تعمل لصالح أجهزة الاستخبارات". من الواضح أن تنظيم غولن الإرهابي يعمل بجد في الخارج، وأننا لم نكن قادرين على التعبير عن أنفسنا للخارج".

كانت بنى تنظيم غولن الإرهابي في الخارج تمثل تهديدا حتى قبل أحداث ال15 من يوليو. وبعد أن عمل التنظيم في 170 دولة لسنوات طويلة، بهدف إعادة هيكلة السياسة الخارجية التركية تجاه هذه الدول والمناطق، بدأ التنظيم في نشر الدعاية ضد تركيا بأنه معرض للخطر. نعرف على سبيل القطع أن التنظيم لديه 40 ألف عضو، ويعتقد أن أعضاءه وصلوا إلى 80 ألفا بعد أن فر كثير منهم من تركيا. التنظيم فعال في جميع أنحاء العالم، بدءا من الولايات المتحدة والدول الغربية إلى منطقة القوقاز والبلقان وأفريقيا ووسط آسيا والشرق الأوسط، فضلا عن المناطق الإسلامية والمناطق الناطقة بالتركية. تنكروا تحت قناع الخدمة التي يفترض أن تقدم المساعدة والتغذية والتعليم وتفتح المدارس للمحتاجين. لكنهم لم يفعلوا في الواقع ما وعدوا به. فتحوا المدارس في البلدان الأفريقية الفقيرة لا من أجل تعليم الفقراء، بل استهدفوا أطفال رجال الأعمال الأغنياء وأطفال البيروقراطيين. ولهذا أُطلق على هذه المدارس عموما مدارس وكالة المخابرات الأمريكية بدلا من تسميتها بالمدارس التركية. بعد إنشاء المدارس بدأ دور الأعمال التجارية والاتصالات الدبلوماسية. عرف كثير من الناس أن مؤسسات مثل اتحاد رجال الأعمال والصناعيين الأتراك "توسكون"  لم تكن جسورا بين تركيا والدول الأخرى لأهداف تجارية. وإذا لم يمارس رجل الأعمال أعماله التجارية من خلال هذه المؤسسات، فإن شركته تُدمر، فيأتي بعد ذلك جاثيا على ركبتيه لينفذ مطالب هذه المؤسسات. صارت القنصليات والسفارات منصة لتنظيم غولن في الوقت المناسب. ومثلما فعلوا في تركيا، فقد تأكدوا أنهم ذوو نفوذ، ونظموا أنفسهم في وسائل الإعلام.

على سبيل المثال، يملك تنظيم غولن الإرهابي 15 مدرسة في البوسنة والهرسك، أربعة منها لرياض الأطفال، وخمس مدارس ابتدائية، وخمس مدارس ثانوية وجامعات. هذه المدارس مصدر مهم للدخل، ومصدر مهم للقوى البشرية. يملك التنظيم الذي تواجد في البوسنة والهرسك لأكثر من 20 عاما، شركات سياحية، ودورا للنشر، وصحيفة تسمى الزمان الجديد. وتقول مصادر محلية إن هذه المنظمة تملك القدرة على التأثير في سياسات البلاد، والمؤسسات العامة والمجتمع المدني والسكان المسلمين. والوضع مشابه في كوسوفو وألبانيا ومقدونيا.

من ناحية أخرى قدم الصحفي محمد كمال فيريك الذي عمل لسنوات طويلة في أفريقيا، معلومات حول هيكل التنظيم في أفريقيا. تسلل تنظيم غولن الإرهابي إلى معظم بلدان القارة من كينيا إلى ملاوي وأوغندا. ووفقا للصحفي كمال فيريك، فإن مدرسة بدر في دولة ملاوي تأسست من أموال الصدقات التي جمعت من محافظة كوتاهية التركية.

من المعروف أن أطفال وزراء الشؤون الداخلية ووزراء الثقافة يدرسون في هذه المدارس. يملك التنظيم خمس مدارس في كينيا وأربعة في غانا. يملك "إمام" التنظيم في غانا اتصالات قوية، ويمكنه الاتصال مباشرة بالوزارء. ومن المعروف أن أتباع غولن فاعلون في أثيوبيا مقر الاتحاد الأفريقي. ووفقا لفيريك، فقد اكتشف أن دبلوماسيين وملحقين عسكريين أعضاء في تنظيم غولن الإرهابي. وفي الكاميرون يقال إن التنظيم قدم شكوى ضد مؤسسة عزيز محمود هداني زاعما أنها من داعمي تنظيم القاعدة.

هناك مثال آخر من القوقاز، حيث تقول مصادر تعرف المنطقة جيدا إن أذربيجان هي بوابة التنظيم إلى القوقاز ووسط آسيا وروسيا، ومن المعروف أن التنظيم يتمتع بقوة بالغة في المنطقة. يقول الصحفي الآذري أجيل أليسجير، إن تنظيم غولن الإرهابي يحذر أتباعه "الموت ولا تعودوا من المنطقة". ويقول أليسجير إن تنظيم غولن الإرهابي أساء إلى حب الآذريين لدخول الأتراك إلى بلدهم، وأثر التنظيم في شخصيات مهمة مثل الرئيس السابق أبو الفاز الشيبي، وأنشأ أول مدرسة ابتدائية في عام 1992. ويملك التنظيم 28 مدرسة عليا، و28 مؤسسة تعليمية خاصة، وجامعة، وثلاثة دور سكنية للطلاب، و1200 منزل للطلاب. ويؤكد أليسجير أن هذه المدارس لا تزال تعمل، على الرغم من صدور قرار بإغلاقها، وذلك بعد تغيير أسمائها.

وبالمثل يقول حسين بويوك فرات، أحد المدعين في مؤامرة تنظيم غولن على "مجموعة التحشية الصوفية" إن تنظيم غولن هو ثاني أقوى تنظيم في أذربيجان. ويضيف بويوك فرات، وهو رجل أعمال يملك كثيرا من الاستثمارات في أذربيجان، إن تنظيم غولن طلب منه مالا، وبعد أن رفض إعطاءه أي أموال تآمر عليه. كان الهدف الحقيقي للمؤامرة هو مؤسسة الإغاثة الإنسانية التي كان بويوك فرات ممثلا لها. يزعم علي فؤاد يلمازير، الرئيس السابق لوحدة الاستخبارات في الشرطة التركية، وأحد أتباع غولن، أن مؤسسة الإغاثة الإنسانية تقدم الدعم المالي لتنظيم القاعدة. والشيء المثير للاهتمام أن الصحفية سيفيل نوريفيا تقول إن حسين بويوك فرات رُفض دخوله لأذربيجان هذا الأسبوع. هذا الحادث يثبت مدى قوة تنظيم غولن الإرهابي في أذربيجان، فبعد أربعة أيام فقط من المحاكمة رفض دخول رجل الأعمال الثري إلى البلاد.

عندما يكون هذا هو الحال، أليست الدولة والشعب والساسة والمجتمع المدني والجامعات ووسائل الإعلام، وليس الدولة، في حاجة إلى التوحد  لمحاربة تنظيم غولن الإرهابي مثلما فعلوا في تركيا؟ ألا يجب أن يعتمد هذا الكفاح على استراتيجية وتعبئة قوية؟ 

عن الكاتب

مروة شبنم أوروتش

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس