وداد بليغن - صحيفة اقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

لا أريد أنْ أتحدث عن القصف الجوي "الخاطئ" ضد قوات النظام، لأنه لن يكون مثل هذا الحدث، الذي قامت فيه دولة عظمى تملك أحدث الأدوات التكنولوجية المتطورة، وتعرف كل جزء في منطقتنا، لن يكون قيامها بهذا الهجوم بعد عملية درع الفرات التركية مجرد صدفة.

أصيب الغرب بحالة من الذعر، وشعر بتهديد استراتيجيته التي تعتمد على استبعاد تركيا من أنْ يكون لها دور بارز في الشرق الأوسط، وذلك بعد "انفتاح أردوغان على الشرق"، وخصوصا بعد انطلاق عملية درع الفرات التي تسعى من خلالها تركيا إلى القضاء على إرهاب حزب العمال الكردستاني وداعش وحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو ما يعني ضرب التحالفات الغربية في مقتل.

التعاون مع الإرهاب!

عملوا على إعادة تسمية حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي من خلال إطلاق وصف قوات سوريا الديمقراطية، وتذرعوا بموضوع مكافحة إرهاب داعش، من أجل تقديم كل الدعم لهذه المنظمات. ولم تُبد الولايات المتحدة الأمريكية أي اهتمام لقلق كل الأطراف وعلى رأسها تركيا، بل أرادت دعم حزب العمال الكردستاني لخلق سياسة أمر واقع، وأرادت المساهمة في تأسيس دولة "ستالينية" لهم هناك.

وهنا تتبادر إلى ذهننا العديد من الأسئلة: 1- ما السبب الذي يجعل أمريكا تسعى لتأسيس دولة لمنظمة "ستالينية"؟ 2- كيف تدعم أمريكا الديمقراطية منظمة تسعى إلى تأسيس نموذج مماثل لنموذج كوريا الشمالية؟ 3- كيف تتصرف أمريكا بسهولة في هذا الإطار وهي تعلم أنها تزعج بذلك حليفتها الاستراتيجية وعضو حلف الناتو تركيا؟ 4- كيف يتعاون حزب العمال الكردستاني مع دولة مثل أمريكا كان يصفها بالامبريالية والسلطوية طيلة سنوات؟ 5- والأهم من كل ذلك، كيف تقبل الدول الغربية ومثقفوها بهذه السهولة التعاون مع منظمة تم تصنيفها كمنظمة إرهابية على الصعيد الدولي؟

معظم هذه الأسئلة لا معنى لها داخل النظام الغربي، لأن النظام الغربي حاليا يعاني من أزمة كبيرة، وستصبح هذه الأسئلة بدون معنى كلما ازداد العولمة أكثر.

هل لدى الغرب حلول أخرى؟

أكثر مشكلة يعاني منها الغرب، هي عدم قدرته على التعامل مع آليات جديدة للنظام السياسي العالمي، فعندما أنشأ الغرب النظام العالمي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وأصبحت أمريكا مركز هذا النظام خصوصا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حينها لم يعاني الغرب من أي مشاكل، وذلك مع ارتفاع عمل مؤسسات مثل حلف الناتو، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، وغيرها.

نحن اليوم نمر في مرحلة نهاية هذا العهد، وفقدان كل هذه المؤسسات القدرة على السيطرة والتحكم، والأخطاء التي وقع فيها الغرب في الشرق الأوسط، هي نتيجة محاولته إعادة قوة السيطرة التي فقدها، وهذا سيؤدي بلا شك إلى خطر حقيقي يهدد السلم العالمي، ويجعل الإرهاب مشكلة دولية.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس