ترك برس

أشار الباحث في التاريخ التركي "عبد الله كرميزي" إلى أن تشبيه أردوغان بالسلطان عبد الحميد الثاني أمر خاطئ بكافة جوانبه، موضحًا أنه إن كان لا بد للتشبيه بين أردوغان وشخصية تاريخية أخرى، فأردوغان يشبه أتاتورك لحد كبير.

يُوصف السلطان عبد الحميد الثاني بين أبناء الشريحة المحافظة في تركيا، بأنه السلطان الشديد المحارب للعلمانية والانحلال، وقد زادت وتيرة ذكره شعبيًا وإعلاميًا بشكل ملحوظ مؤخرًا، ونسب خبراء ذلك إلى التشابه بينه وبين أردوغان الذي يسير على نفس خطاه في محاربة العلمانية، الأمر الذي اعترض عليها كرميزي مشيرًا إلى أن أردوغان يشبه عبد الحميد في كونه رائد التطور الحضاري والتكنولوجي، ولكنه يختلف تمامًا مع الروح الفكرية وتصورات السلطان عبد الحميد.

ورأى كرميزي الذي تناول المسألة في مقاله على الجزيرة ترك "أردوغان لا يشبه عبد الحميد بل أتاتورك"، أن أردوغان لا يماثل عبد الحميد الثاني في سياسته الوسطية المرنة، بل يماثل أتاتورك في شجاعته العالية وقراراته الجذرية المفاجئ التي قد تفاجئ حتى المقربين منه، وأردوغان كما أتاتورك، يحاول دومًا فحص مستوى قوته والسعي إلى توسيعها على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهو ليس "رجل دولة عادي" بل "رجل يسعى لتأسيس دولة."

في الحقيقة يصعب فهم حياة شخصية تاريخية، فالسير الذاتية لأحد هذه الشخصيات مرهونة بقلم كاتبها وفهمه السياسي والفكري، وهنا يستبعد كرميزي وجود سيرة ذاتية موضوعية لأي شخصية تاريخية حول العالم، مشيرًا إلى أن تشبيه أردوغان بعبد الحميد الثاني أو بأتاتورك لا تتم من باب موضوعي بل من باب حزبي سياسي أو اجتماعي فكري.

وبحسب كرميزي، عند النظر إلى الإطار العام لشخصية عبد الحميد نراها "متزنة وحذرة" أما الإطار العام لشخصية أتاتورك فهي "مغامرة وحذرة"، والناظر إلى قرارات وتحركات أردوغان يدرك أنها "مغامرة وحذرة."

ومن أوجه التشابه الأخرى بين أردوغان وأتاتورك، سعيه لتغيير النظام التعليمي والصحي والسياسي والثقافي والاجتماعي بشكل جذري، ولعل القول بأن أردوغان ينافس أتاتورك في ذلك لن يكون ادعاءً خاطئًا على حد وصف كرميزي، مضيفا أن عبد الحميد عندما سعى لتطوير الدولة العثمانية لم يتخذ إجراءات جذرية بل إجراءات تكتيكية تُديم الإصلاحات التي قام به أجداده، من دون الخروج عن المسار الكلاسيكي للدولة، والمتتبع لحياته يرى أنه رفض القبول بالبرلمان بدعوى عدم جهوزية الشعب لذلك، وإن كان لا بد من تشبيه عبد الحميد بأحد شخصيات الجمهورية التركية فيمكن أن يكون عصمت إينونو الذي رشح نفسه "كزعيم قومي" وعلّق قرارات البرلمان بدعوى عدم جهوزية الشعب والدولة لتلك القرارات.

ورأى كرميزي أنه لو عاش أردوغان في عصر عبد الحميد على الأرجح سيكون أول المعترضين على إجراءاته، فأردوغان يركن إلى الشعب بشكل كبير ويحاول القيام بما يريد من خلال الاستناد إلى دعم الشعب قبل كل شيء، وهذا ما قام به أتاتورك ولم يقم به عبد الحميد، حيث حاول أتاتورك دومًا إقناع الشعب عبر الصحف وبيوت الشعب التي وُجدت في كل مدينة وقرية، بما يقوم به من تغييرات، أما عبد الحميد فلم يلتفت إلى الشعب في أي يوم من الأيام.

ونوّه كرميزي إلى أن ميزة شدّة الشكيمة تظهر لدى أردوغان وأتاتورك من خلال قيامهما بإبعاد كل من يمكن أن يشكل حجر عثرة في طريقهم، فأردوغان أبعد عبد الله غل وبولنت أرينتش وغيرهم، وأتاتورك أزاح عن طريقه كاظم كارابكر ورؤوف أرسابوي وغيرهم، موضحًا أن عبد الحميد الثاني لم يجري تعديلات جذرية لذا لم يظهر مدى حزمه في إمكانية إبعاد من يعرقل مساره.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!