ترك برس

تطرق علي أرسلان، الباحث في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية "سيتا"، إلى مسألة حالة الطوارئ المفروضة في تركيا منذ أكثر من ثلاث شهور في مقاله "حالة الطوارئ في خمسة أسئلة"، مشيرًا إلى أن حالة الطوارئ جاءت في المقام الأول لمحاربة التغلغل الواسع لجماعة غولن داخل الدولة، ولا علاقة لحالة الطوارئ بأي هدف آخر.

وجاء إعلان حالة الطوارئ في تركيا عقب اجتماع مجلس الأمن القومي التركي مساء 21 تموز/ يوليو 2016، حيث أعلنها رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في تصريح أكد فيه أن مؤسسات الجمهورية التركية ستحرص على تسيير حالة الطوارئ دون خرق لحقوق الإنسان أو القوانين، وأن الحكومة التركية ستحافظ على حقها في إعلانها مرة أخرى إن اقتضت الحاجة.

1ـ لماذا كان هناك حاجة لإعلان حالة الطوارئ؟

باختصار يُجيب أرسلان على هذا السؤال بالإشارة إلى أن توصيات مجلس الأمن القومي هي من دفعت الحكومة مضطرةً لإعلان حالة الطوارئ، بغية محاربة توغل جماعة غولن وإعادة ترتيب صفوف مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، لمواجهة أي خطر مداهم قد يصيب تركيا مرة أخرى.

وأضاف أن الإعلان اعتمد على المادة 120 من الدستور، مشيرًا إلى أن القضاء على بؤر الإرهاب التابعة لداعش وبي كي كي في الداخل والخارج من الذرائع التي يمكن اعتبارها دوافع أساسية لإعلان حالة الطوارئ.

2ـ ما أوجه المقارنة بين حالة الطوارئ المُطبقة في التسعينيات، والتي تعرضت لانتقادات واسعة حينذاك، وحالة الطوارئ المُطبقة في وقتنا الحالي؟

حالات الطوارئ السابقة كانت تستهدف المدن الواقعة في الشرق والجنوب الشرقي لتركيا، الأمر الذي كان يوصف بأنه غير عادل وعنصري أحيانًا فهذه المناطق ذات غالبية كردية مما أثار انتقادات عدد من المنظمات الحقوقية الفاعلة، لا سيما أن الجيش هو الذي كان يدير هذه الحالات، وكما هو معلوم غالبًا لا يكترث الجيش بالحقوق والقوانين، على حد وصف أرسلان الذي يُشير إلى أن حالة الطوارئ الحالية تُطبق في جميع أنحاء تركيا دون أي استثناء، والشرطة هي التي تقوم بتنفيذها طبقًا لشروط صارمة تفرضها الحكومة على أفراد الأمن ووكلاء النيابة للحفاظ على حقوق المواطنين وإيلاء اهتمام لتطبيق القوانين.

وأضاف أن حالة الطوارئ المفروضة في الوقت الحالي لا تستهدف المجتمع بل تستهدف مؤسسات الدولة بشكل أساسي، موضحًا أن مؤسسات حقوقية دولية تدعي تسجيل بعض الخروقات في عملية تطهير الدولة من المنتمين لجماعة غولن، ولكن الحكومة التركية أكّدت لهذه المنظمات أنها ستعمل جاهدة للتعاون في التحقيق بأي حالة يُعتقد أنها غير عادلة، وهذا أمر كان مُحالًا في حالات الطوارئ السابقة.

3ـ ما هي الخطوات التي تم تنفيذها خلال حالة الطوارئ الحالية؟

وفقًا لأرسلان فإن الحكومة عملت بشكل أساسي على فصل الموظفين ذوي العلاقة بجماعة غولن، وقامت بإغلاق المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والثقافية والتربوية والإعلامية لجماعة غولن، كما عملت على فصل بعض رؤساء البلديات ذوي العلاقة مع جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني المُدرج على لائحة الإرهاب في البلاد، بالإضافة إلى طرد حزب العدالة والتنمية أعضاءه ونوابه الذين يشتبه بعلاقتهم مع غولن، وفي جميع الحالات تم الاعتماد على قرائن أبدت الحكومة استعدادها لعرضها على المؤسسات الحقوقية بعد انتهاء حالة الطوارئ.

4ـ ما هي الأسباب التي أدت إلى تمديد حالة الطوارئ؟

بحسب أرسلان، تعد عملية درع الفرات وبزوغ احتمال انخراط تركيا في عملية تحرير الموصل الأسباب الرئيسية في تمديد حالة الطوارئ، فتركيا تريد قطع شوط وقائي في تطهير مناطقها الحدودية من المنظمات الإرهابية التي أصبح بعضها على اتفاق سياسي مع حكومات دول مجاورة، وهذا تحدٍ صعب يحتاج إلى تمديد حالة الطوارئ ورفع مستوى صلاحيات السلطة التنفيذية، وبالأخص بعد التراشق الإعلامي والدبلوماسي الذي تشهده تركيا مع حكومة العراق التي ترفض التعاون معها وتفضل التعاون مع منظمات إرهابية.

وشدد أرسلان على أن تحرك الحكومة التركية في تمديد حالة الطوارئ وفقًا للدستور ومشاورة البرلمان الذي مدد لها الحق في إجراء عمليات عسكرية تطهيرية داخل سوريا والعراق، يوحي بمدى حرص الحكومة التركية على التحرك ضمن القانون والدستور.

5ـ ما هي الخطوات المرتقبة في المستقبل؟

أشار أرسلان إلى أن الحكومة التركية ربما تعمل بشكل أساسي على تقوّية المؤسستين العسكرية والسياسية، فلا ريب في أن الجيش وكافة مؤسسات الدولة تعرضت لهزة قوية نتيجة إجراءات التطهير، وللحفاظ على المسار الديمقراطي في تركيا فقد تعمل الحكومة التركية على وضع معايير أكثر شفافية وموضوعية لتوظيف المدنيين والعسكريين.

وأضاف أن من المحتمل أيضًا تعجيل عملية تغيير الدستور الذي يحتوي مواد الحكم الرئاسي ومنح القيادة السياسية صلاحيات أوسع وأقوى من تلك الخاصة بالمؤسسات العسكرية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!